وإن كانت لا شيئا في الخارج ، فتكون الماهيّة من الأمور العامّة ، ليس لها تحصّل في الخارج ، كالوحدة والكثرة والإمكان وغيرها من الأمور العامّة ، وهي لا تكون داخلة تحت المقولة ، هي الموجودات الخارجيّة دون الماهيّات.
فالوجود بالنّسبة إلى الوجودات الممكنة المتحقّقة في الخارج لا يخلو من أن يكون لفظيّا أو معنويّا. والأوّل باطل ، على ما ثبت بالبرهان أنّ الوجود مشترك معنوىّ. وإذا كان الوجود مشتركا معنويّا بين الوجودات المحصّلة الخارجيّة ، فيكون للوجود مفهوم ، وهو ظاهر ، ومعبّر عنه أيضا. وذلك المعبّر عنه أمر متحصّل في الخارج ، كما هو ، لا المفروض.
وذلك الأمر المتحصّل لا يخلو من أن يكون كليّا طبيعيّا موجودا في الخارج ، أو لا يكون كليّا طبيعيّا ، بل يكون جزئيّا حقيقيّا متشخّصا بذاته. وكلّ واحد منهما باطل.
[١] أمّا الأوّل ، فلأنّه إذا كان كليّا طبيعيّا ، فلا بدّ أن يكون جنسا طبيعيّا أو نوعا طبيعيّا. وكلا هما باطل ، لأنّه يلزم أن يكون الوجود جزءا جنسيّا بالقياس إلى الممكن ، أو تمام ماهيّة الممكن. فيلزم أن لا يكون الممكن ممكنا ، لأنّ نسبة الوجود إلى الممكن نسبة إمكانيّة ، ونسبة الجنس إلى ما هو جنس له ونسبة النّوع إلى ما هو نوع له ، نسبة الذّاتىّ إلى ذى الذّاتىّ. ولا شكّ أنّ نسبة الذّاتىّ إلى ذى الذّات ليست نسبة إمكانية. كما لا يخفى على المتتبّع ؛ فيلزم أن يكون نسبة الوجود إذا كان للممكن نسبة غير إمكانيّة ، والنّسبة الغير الإمكانيّة قاطعة للاحتياج إلى العلّة ، فيلزم انقلاب الماهيّة.
وأيضا ، كلّ أمر يكون نسبة الوجود إليه ضروريّة ذاتيّة يلزم أن يكون أزليّا وسرمديّا ؛ كما أنّ القدم إذا كان ضروريّا ذاتيّا لأمر ، يلزم أن يكون أزليّا سرمديّا ، كالممتنع بالذّات ، فإنّ عدمه لمّا كان ضروريّا ذاتيّا له يكون أزليّا سرمديّا. فيلزم أن يكون جميع الموجودات المتحققة في الخارج أزليّا سرمديّا ، ولم يتحقق وجود حادث أصلا ، فيلزم قدم العالم بجميع أجزائه ، وهو باطل اتّفاقا وبديهة.
ولا يجوز أن يكون الوجود نوعا طبيعيّا ، وإلّا يلزم أن يكون تابعا تحت جنس ، والحال أنّ الوجود ليس له جنس ، لأنّه لا أعمّ من الوجود ، فبقى أن يكون الوجود إذا كان كليّا طبيعيّا يكون جنسا عاليا يندرج تحته جميع الوجودات الممكنة ، سواء كانت