وهذا أمر قد أطبقت عليه مهرة حملة العلم والفلسفة العارفون بمذاهب الأوائل وطرائقهم وإثبات الأخباريّين من ثقات المورّخين المستقصين لأحوالهم وأقوالهم.
واستصحّه شريكنا الشّيخ البارع الرّئيس وغيره من شركائنا البارعين. وكذلك الشهرستانىّ صاحب «الملل والنحل» ، وقد فصّل القول فيه تفصيلا بالغا فى كتاب «نهاية الإقدام» ، وفى كتاب «الملل والنحل» وفى كتاب «المصارعة».
ونحن نقول : إنّ كلمات أرسطاطاليس فى هذه المسألة العوصاء الّتي هي أساس الأسس وأسّ الأساس متدافعة متناقضة جدا ، ولا يكاد يعلم ممّا قد وقع إلى وبلغنى من كتبه ومقالاته وزبره ومعمولاته اعتقاده الّذي كان يؤثره ويدين به فى هذه المسألة ، وقد نصصنا فى كتبنا وصحفنا على أنّ ما احتجّ أفلاطون :
«أنّه إذا صحّ حكم الحدوث على كل واحد واحد ، صحّ لا محالة على الجميع وعلى الطبيعة المشتركة بتّة» مستقيم الصحّة مستيقن الاستقامة فى الحدوث الدّهريّ ، لا فى الحدوث الزّمانىّ بحسب صحّة تجدّد الكون فى امتداد سيلان التقضّى والتّجدّد ؛ وأوضحنا الأمر بانحفاظ الطبيعة الورديّة فى تعاقبات أفراد الورد على الاستمرار المتصل المحدود مدّة محدودة ، لا قبلها. ومن هناك سمّيناه : البرهان الورديّ».
وأمّا أصحاب المدارك العاميّة الوهمانيّة من الجماهير والمتكلفين فقد حرّفوه عن موضعه وبه قاسوا الأمر فى الحدوث الزّمانىّ أيضا. وذلك إن هو إلّا قياس فاسد وتخمين باطل وتحريف قبيح ، لا يصغى إليه ولا يعذر عليه.
وبالجملة ، تسوية سطح الحجّة ونصب مقياس اليقين وإيفاء حقّ القول الفصل وإنضاج نىّ الأمر من سبيل العقل المضاعف فى مسألة حدوث العالم والإتيان بالبرهان اللّمّىّ الباتّ الفاصل عليها من جملة ما قد كانت مرهونة بذمّتنا ومخصوصة من رحمة الله وعنايته وفضل الله وطوله بقسطنا. وقد بسطنا تعليمها وتتميمها وتصحيحها وتقويمها فى كتبنا وصحفنا ومقالاتنا ومعلّقاتنا. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم.
كتب بيمناه الدّاثرة مسئولا أحوج المربوبين إلى الربّ الغنىّ محمد بن محمد ،