«اثولوجيا» وفى كتاب «مطافوسيقا» وفى سائر كتبه ورسائله الإلهيّة والطبيعيّة وفى مفاوضاته ومياوماته إلى ذى القرنين الإسكندر بن فيلقوس ملك الروم بعبارات شتّى وتعبيرات تترى :
إنّ البارئ الحقّ ، سبحانه ، هو الفاعل الأوّل للعقل والنّفس والطبيعة وسائر الأشياء كلها. وهو ليس يفعل أفاعيله شيئا فشيئا بحركة وتدريج ، بل إنّما يفعل فعله من الصّدر إلى السّاقة دفعة واحدة ، لأنّه ليس يلقى بصره فى فعله وصنعه إلى شيء وراء ذاته ولا ينتظر أمرا غير علمه بوجه الخير فى نظام الوجود ، الذي هو عين ذاته ، غير أنّه يفعل الكائنات الدّاثرة دفعة واحدة دهريّة ، والإنيّات المبدعة الشريفة الثابتة دفعة واحدة سرمديّة ؛ وأنّ الكائنات والدّاثرات بالقياس إلى البارئ ، سبحانه ، وفعله وصنعه إيّاها فى حيّز الدّهر ، والإنيّات الثابتة الشّريفة ، وإبداعه إيّاها فى حيّز السّرمد ، وأنّ الرّءوس الثلاثة التي عنها الكون ، وهي مبادئ الكائنات ، هي الهيولى والصّورة والعدم لا بزمان ولا بمكان ، وأنّ الزمان سرمديّ الوجود ، والحركة الّتي هي محلّ الزّمان ومنها وجود الزّمان سرمديّة الوجود ، والطبيعة الخامسة خلقها الله ، سبحانه ، بالأبد لا بالزمان ، وأنّ الكائنات بالقياس إلى عالم الثّبات فى حيّز الدّهر وبقياس بعضها إلى بعض فى حيّز الزّمان ، والثّابتات كلّها فى حيّز السّرمد ؛ وأنّ النّفس ما دامت منغمسة فى جنبة البدن فهى فى حيّز الزّمان ، فإذا فارقت الجهات والأبعاد ورجعت إلى عالمها صارت إلى حيّز الدّهر ؛ وأمّا العقل فإنّه يكون فى حيّز السّرمد.
وأيضا النّقل المستفيض المتواتر عن كبراء تلامذته وأصحابه وشركائه وأترابه ، كثامسطيوس وثاوفرسطس والإسكندر الأفروديسىّ ، وكبرقلس وديوجانوس وزينون والشّيخ اليونانىّ : أنّه أجهر وأعلن بحيوده عن سبيل أستاذه أفلاطون الإلهيّ فى إثبات حدوث العالم وإحالة حوادث لا أوّل لها.
وحكى يحيى النحويّ ، وهو من قدماء فلاسفة الإسلام وكبرائهم عن برقلس : أنّ أوّل من قال بقدم العالم ووجود حوادث متسابقة لا أوّل لها هو أرسطاطاليس.