أدرك موسى فقد هلك ، وأعلمه أنّ عند ملتقى البحرين عند الصخرة رجل أعلم منك ، فسر إليه وتعلّم من علمه. فنزل جبرئيل إلى موسى فأخبره ، وذلّ موسى في نفسه ، وعلم أنّه أخطأ ودخله الرّعب ، وقال لوصيّه يوشع : إنّ الله قد أمرني أن أتبع رجلا عند ملتقى البحرين وأتعلّم منه ، فتزوّد يوشع حوتا مملوحا(١).
وعن الصادق عليهالسلام قال : « بينا موسى عليهالسلام قاعد في ملأ من بني إسرائيل ، إذ قال له رجل : ما أرى [ أحدا ] أعلم بالله منك ، قال موسى عليهالسلام : ما أرى. فأوحى الله إليه : بل عبدي الخضر. فسأل السبيل إليه ، فكان له آية الحوت إن افتقده ، وكان من شأنه ما قصّ الله » (٢) .
فذهب موسى ويوشع عليهماالسلام حتى بلغا مجمع البحرين ﴿فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما﴾ ومكانا يلتقي وسط ما امتدّ من البحرين ، أو الموضع الذي يجتمع فيه موسى والخضر الذي كان في طلبه ، جلس هو وفتاه على الصخرة التي كانت قريبة من عين الحياة.
ثمّ نام موسى عليهالسلام ، وتوضّأ يوشع من العين ، فوقعت قطرة من ماء العين على الحوت المملوح فحيي ، فذهب في البحر ، فتحيّر يوشع من هذا الأمر ، فقام موسى عليهالسلام من النوم ، وتوجّه إلى الطريق ، وأسرع في السير وتبعه يوشع و﴿نَسِيا حُوتَهُما﴾ الذي جعل فقدانه أمارة وجدان المطلوب ، أمّا موسى عليهالسلام فنسى تذكّر الحوت لصاحبه ، وأمّا صاحبه فنسي الإخبار بأمر الحوت ﴿فَاتَّخَذَ﴾ الحوت ﴿سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً﴾ ومسلكا.
القمي : فلمّا خرجا وبلغا ذلك المكان ، وجدا رجلا مستلقيا على قفاه فلم يعرفاه ، فأخرج وصيّ موسى الحوت وغسله بالماء ، ووضعه على الصخرة ومضيا ونسيا الحوت ، وكان ذلك الماء ماء الحيوان ، فحيي الحوت ودخل في الماء ، فمضى موسى ويوشع معه حتى عييا (٣) .
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : أنّه قال لبعض اليهود وقد سأله عن مسأئل : « أمّا قولك أوّل عين نبعت على وجه الأرض ، فإنّ اليهود يزعمون أنّها العين التي ببيت المقدس تحت الحجر وكذبوا ، هي عين الحيوان التي انتهى موسى عليهالسلام وفتاه إليها ، فغسل فيها السمكة المالحة فحييت ، وليس من ميت يصيبه ذلك الماء إلّا حيي ، وكان الخضر في مقدّمة ذي القرنين يطلب عين الحياة فوجدها وشرب منها ، ولم يجدها ذو القرنين » (٤) .
وفي رواية : أنّ موسى ويوشع عليهماالسلام انطلقا يمشيان ، فانتهيا إلى شيخ مستلق معه عصاه موضوعة إلى
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٣٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٤٨.
(٢) تفسير العياشي ٣ : ١٠٣ / ٢٦٧٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٤٩.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٣٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٤٩.
(٤) إكمال الدين : ٢٩٨ / ٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٥٠.