وعن الصادق : « يدعو إلى الإمام » (١) .
وعن الباقر عليهالسلام : « يهدي إلى الولاية » (٢) .
وعن السجاد عليهالسلام : « الإمام منّا لا يكون إلّا معصوما ، وليست العصمة في ظاهر الخلقة [ فيعرف بها ، ] ولذلك لا يكون إلّا منصوصا » فقيل : ما معنى العصمة ؟ قال : هو الاعتصام (٣) بحبل الله ، وحبل الله هو القرآن ، والقرآن يهدي إلى الإمام ، وذلك قول الله عزوجل : ﴿إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾(٤) .
ثمّ أخبر سبحانه بأتمّ النفع الذي يكون للعمل بالشريعة الاقوم بقوله : ﴿وَيُبَشِّرُ﴾ هذا القرآن ﴿الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ﴾ آمنوا به و﴿يَعْمَلُونَ﴾ بما فيه من الأعمال ﴿الصَّالِحاتِ﴾ من أداء الواجبات وترك المحرّمات ﴿أَنَّ لَهُمْ﴾ في الدنيا والآخرة ﴿أَجْراً كَبِيراً﴾ وثوابا عظيما.
﴿وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً * وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ
دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (١٠) و (١١)﴾
ثمّ أخبر سبحانه بأعظم الضرر على مخالفته بقوله : ﴿وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ كأغلب المشركين واليهود على ما قيل من أنّهم منكرون للمعاد الجسماني (٥)﴿أَعْتَدْنا﴾ وهيّئنا ﴿لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً﴾ في الآخرة ، وجعل الإخبار بالعذاب من البشارة إمّا من باب التهكّم ، أو الازدواج ، أو لأنّ تعذيب أعداء المؤمنين ممّا تسرّ به قلوبهم.
ثمّ ذمّ سبحانه من لا يعرف قدر القرآن وعظمة هذه النعمة بكونه غير مميّز بين الخير والشرّ بقوله: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسانُ﴾ لنفسه ﴿بِالشَّرِّ﴾ ويبالغ في طلبه بلسانه باعتقاد أنّه خيره وصلاحه ، أو يطلب الأعمال السيئة المفضية إلى الشرّ بنحو يشابه ﴿دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ﴾ لغاية جهله وعدم تميّزه نفعه عن ضرّه ، وما يصلحه عمّا يفسده ، وكون نظرة إلى العاجل ﴿وَكانَ الْإِنْسانُ﴾ جنسه بالطبع ﴿عَجُولاً﴾ ومسارعا في الامور بلا تأنّ فيها وتدبّر في عواقبها.
عن الصادق عليهالسلام : « واعرف طريق نجاتك وهلاكك ، كيلا تدعو الله بشيء عسى أن يكون فيه هلاكك وأنت تظنّ أنّ فيه نجاتك ، قال الله تعالى : ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسانُ﴾ الآية » (٦) .
قيل : إنّ المراد بالانسان الداعي بالشرّ النّضر بن الحارث القائل : اللهمّ إن كان هذا هو الحقّ من
__________________
(١) الكافي ١ : ١٦٩ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٠.
(٢) تفسير العياشي ٣ : ٣٩ / ٢٤٦٩ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٠.
(٣) في معاني الأخبار : فقيل له : يا ابن رسول الله ، فما معنى المعصوم ؟ فقال : « هو المعتصم ... » .
(٤) معاني الأخبار : ١٣٢ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٠.
(٥) تفسير الرازي ٢٠ : ١٦٢.
(٦) مصباح الشريعة : ١٣٢ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨١.