ويقرب الوعد (١) الذي بيّنه الله في كتابه بقوله : ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ﴾ إلى آخره ، وذلك إذا لم يبق من الاسلام إلّا اسمه ، ومن القرآن إلّا رسمه ، وغاب صاحب الأمر باتّضاح العذر (٢) له في ذلك ، لاشتمال الفتنة على القلوب ، حتى يكون الأقرب إليه أشدّ (٣) عداوة له ، وعند ذلك يؤيّده الله بجنود لم تروها ، ويظهر دين نبيه صلىاللهعليهوآله على يديه ، ويظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون»(٤).
﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * لا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٥٦) و (٥٧)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد وعد المؤمنين بالاستخلاف والتمكين لهم ، حثّ إلى الأعمال الصالحات التي أهمّها الصلاة والزكاة وطاعة الرسول بقوله : ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ في جميع أحكامه ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.﴾
ثمّ هدّد سبحانه الكافرين بقوله : ﴿لا تَحْسَبَنَ﴾ ولا تتوهّمن يا أيّها النبي والمؤمنون ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ﴾ الله عن إدراكهم وإهلاكهم ﴿فِي﴾ قطر من أقطار ﴿الْأَرْضِ﴾ بما رحبت ، وإن هربوا كلّ مهرب ، بل هم مقهورون تحت قدرته في كلّ آن وحال ومكان في الدنيا ﴿وَمَأْواهُمُ النَّارُ﴾ في الآخرة ، ﴿وَ﴾ بالله ﴿لَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ والمرجع تلك النار لهم.
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا
الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ
الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ
جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ
وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٨)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان جملة من أحكام التعفّف والحثّ على امتثالها بالوعد والوعيد ، عاد إلى بقية تلك الأحكام بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ من الرجال والنساء ﴿لِيَسْتَأْذِنْكُمُ﴾ في الدخول عليكم ﴿الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ﴾ من العبيد ، أو العبيد والجواري ﴿وَالَّذِينَ﴾ يميّزون بين العورة وغيرها من
__________________
(١) في الاحتجاج : ويقترب الوعد الحق.
(٢) في الاحتجاج : بإيضاح الغدر.
(٣) في الاحتجاج : أقرب الناس إليه أشدهم.
(٤) الاحتجاج : ٢٥٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٤٥.