في كونها حية.
قيل : إنّ فرعون التجأ إلى موسى من شدّة الرّعب ، وقال : يا موسى أسألك بالذي أرسلك أن تأخذها فأخذها فعادت عصا (١) .
وعن الباقر عليهالسلام : « فالتقمت الإيوان بلحييها ، فدعاه : أن يا موسى أقلني إلى غد » (٢) .
والقمي : فلم يبق أحد من جلساء فرعون إلّا هرب ، ودخل فرعون من الرّعب ما لم يملك [ به ] نفسه ، فقال فرعون ، أنشدك بالله وبالرّضاع إلّا ما كففتها عنّي ، فكفّها فلمّا أخذ موسى عليهالسلام العصا رجعت إلى فرعون نفسه ، وهمّ بتصديقه ، فقام إليه هامان ، فقال له : بينا أنت تعبد إذ صرت تابعا لعبد(٣) .
﴿وَنَزَعَ﴾ وأخرج ﴿يَدَهُ﴾ من جيبه بعد إدخالها تحته ﴿فَإِذا هِيَ﴾ كالقمر ﴿بَيْضاءُ﴾ وذات نور وبياض من غير برص ﴿لِلنَّاظِرِينَ﴾ اليها.
﴿قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ
فَما ذا تَأْمُرُونَ * قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ * يَأْتُوكَ
بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ * فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ
أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (٣٤) و (٣٩)﴾
روي أنّ فرعون لمّا رأى الآية الاولى قال : فهل غيرها ؟ فأخرج يده فقال : ما هذه (٤) ؟ قال فرعون : يدك فما فيها فادخلها في إبطه ثمّ نزعها ولها شعاع كاد يغشي الأربصار ويسدّ الافق (٥) ، فلمّا خاف فرعون أن يؤمن به خواصّه ﴿قالَ﴾ احتيالا في الصرف عنه ، وتعمية لهم هذه الحجّة ﴿لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ﴾ والأشراف الذين كانوا في مجلسه من القبط : ﴿إِنَّ هذا﴾ الرجل ﴿لَساحِرٌ عَلِيمٌ﴾ بالسّحر فائق على الناس فيه ، ثمّ قال تنفيرا لقلوبهم من موسى عليهالسلام : ﴿يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ﴾ ومملكتكم هذه ، ويقهركم على تبعيته ﴿بِسِحْرِهِ﴾ ثمّ قال تحبيبا لقلوبهم : ﴿فَما ذا تَأْمُرُونَ﴾ وتشيرون عليّ في أمره ؟ وترون رأيكم في دفعه حتى اتّبعكم وأنقاد لقولكم فحطّته معجزات موسى عليهالسلام عن الاستقلال بالرأي مع دعواه الربوبية إلى إظهار الطاعة لرأي عبيده ، فأجابه الملأ و﴿قالُوا﴾ له : ﴿أَرْجِهْ﴾ وأخّر موسى ﴿وَأَخاهُ﴾ ولا تعجل في أمرهما ، ولا تبادر إلى قتلهما قبل أن يظهر كذبهما حتى لا يسيء ظنّ
__________________
(١) تفسير روح البيان ٦ : ٢٧١.
(٢) مجمع البيان ٧ : ٣٩٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٣.
(٣) تفسير القمي ٢ : ١١٩ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٣.
(٤) في النسخة : هي.
(٥) تفسير البيضاوي ٢ : ١٥٤ ، تفسير أبي السعود ٦ : ٢٤١ ، تفسير روح البيان ٦ : ٢٧١.