بعضكم رقاب بعض ، وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفني في كتيبة يضاربونكم » قال الراوي : فغمز من خلف منكبه الأيسر ، فالتفت فقال : « أو عليّ » فنزلت (١) .
وعن جابر بن عبد الله أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد خطبنا يوم الفتح : « أيها الناس ، لأعرفنّكم (٢) ترجعون بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، ولئن فعلتم ذلك أضربكم بالسيف » ثمّ التفت عن يمينه فقال الناس : غمزه جبرئيل ، فقال له : أو عليّ فقال : « أو عليّ » (٣) .
وفي رواية عن الصادق عليهالسلام قال : « فنزل عليه جبرئيل فقال : يا محمّد ، [ قل ] إن شاء الله ، أو يكون ذلك علي بن أبي طالب (٤) . فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أو يكون ذلك علي بن أبي طالب إن شاء الله. فقال له جبرئيل : واحدة لك ، واثنتان لعليّ ، وموعدكم السّلام » (٥) .
فقال أبان بن تغلب راوي الحديث : جعلت فداك ، وأين السّلام ؟ فقال : « يا أبان ، السّلام من ظهر الكوفة » (٦) .
أقول : الظاهر أنّه يكون في الرّجعة ، كما قال به الفيض رحمهالله (٧) .
﴿وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ * ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ
أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ * وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ
رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٥) و (٩٨)﴾
ثمّ لمّا كان المشركون يستهزئون بالنبيّ صلىاللهعليهوآله بوعده بالعذاب ، أعلن سبحانه بقدرته على إنزاله بقوله : ﴿وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ﴾ في حياتك ﴿ما نَعِدُهُمْ﴾ من العذاب ﴿لَقادِرُونَ﴾ البتة ، ولكن المحكمة البالغة اقتضت تأخيره.
ثمّ أمر سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآله بالحلم والصّفح بقوله : ﴿ادْفَعْ﴾ يا محمّد ﴿بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ طرق الدفاع - وهي خصلة الصّفح والحلم - أعمالهم ﴿السَّيِّئَةَ﴾ من التكذيب والاستهزاء والإيذاء (٨) .
عن الصادق عليهالسلام : « التي هي أحسن : التقيّة » (٩)
أقول : يعني أنّها منها.
__________________
(١) مجمع البيان ٧ : ١٨٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٠٨.
(٢) في النسخة : لاعرفتكم.
(٣) مختصر البصائر : ٢١ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٠٨.
(٤) زاد في مختصر البصائر : إن شاء الله.
(٥) في مختصر البصائر : السلم ، وكذا الذي بعدها.
(٦) مختصر البصائر : ١٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٠٩.
(٧) تفسير الصافي ٣ : ٤٠٩.
(٨) في النسخة : والإبداء.
(٩) المحاسن : ٢٥٧ / ٢٩٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٠٩.