فيهم داعية لهم في اكتساب فضائله.
عن الصادق عليهالسلام : قال : « قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لسان الصدق للمرء يجعله الله في الناس خير له من المال الذي يأكله ويورثه » (١) .
وقيل : إن المراد أن يجعل الله في ذريته في آخر الزمان من يكون داعيا إلى الله تعالى (٢) . وحاصل الدعاء : واجعل صادقا من ذريّتي يجدّد (٣) ديني ، ويدعو إلى ما أدعو (٤) إليه ، وهو محمّد وأوصياؤهعليهمالسلام(٥) .
القمي قال : هو أمير المؤمنين عليهالسلام (٦) .
وقيل : إنّ المراد اتّفاق أهل الأديان على حبّه ، فاستجيب دعاؤه ، فانّه لا يرى أهل دين إلّا وهم يثنون عليه ويوالونه (٧) .
﴿وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ * وَلا
تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (٨٥) و (٨٧)﴾
ثمّ أنّه عليهالسلام بعد طلب السعادة الدنيوية طلب السعادة الاخروية بقوله : ﴿وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ﴾ فيها جميع ﴿النَّعِيمِ﴾ في الآخرة ، ومن مستحقّيها كاستحقاق الوارث لمال مورثه.
ثمّ لمّا وعد عليهالسلام آزر أن يستغفر له في السورة السابقة ، وفى بوعده بقوله : ﴿وَاغْفِرْ﴾ يا رب ﴿لِأَبِي﴾ آزر ﴿إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ﴾ والمنحرفين عن صراط الحقّ وطريق الجنّة.
قيل : إنّ المراد بالمغفرة هدايته إلى الايمان (٨) .
وقيل : هي بمعناها ، ولكن لمّا كانت مشروطة بالايمان كان طلبها مستلزما لطلبه (٩) .
وقيل : إنّ أباه وعده بالإيمان (١٠) ، فدعا له بهذا الشرط (١١) . وقيل : إنّ أباه : قال له : إنا على دينك باطنا ، وانما اظهر الشرك خوفا من نمرود ، فدعا له بظّن أنّه مؤمن (١٢) . ولذا قال : إنّه كان من الضالين ، وليس الآن منهم ، فلمّا تبيّن له أنّه على كفره تبرأ منه.
__________________
(١) الكافي ٢ : ١٢٣ / ١٩ ، تفسير الصافي ٤ : ٤٠.
(٢) تفسير الرازي ٢٤ : ١٤٩.
(٣) زاد في تفسير الصافي : أصل.
(٤) في تفسير الصافي : ويدعو الناس إلى ما كنت أدعوهم.
(٥) تفسير الصافي ٤ : ٤٠ ، وفيه : محمد وعليّ والأئمة عليهمالسلام من ذرّيتهما.
(٦) تفسير القمي ٢ : ١٢٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٤١.
(٧) تفسير الرازي ٢٤ : ١٤٩.
(٨) تفسير أبي السعود ٦ : ٢٥٠ ، تفسير روح البيان ٦ : ٢٨٦.
(٩) تفسير روح البيان ٦ : ٢٨٦.
(١٠) في تفسير الرازي : الإسلام.
(١١و١٢) تفسير الرازي ٢٤ : ١٥٠.