من جبالهم ، فبادروا فطبقت عليهم في الشّعب ، فهلكوا ثمّة وهلك الباقون في أماكنهم بالصيحة (١) .
وعن ابن عباس : أنّه كان لصالح مسجد في غار يجيئه في الليل ويصلّي فيه ، فقالت التسعة : إنّ صالحا وعدنا العذاب بعد ثلاثة أيام ، ونحن نقتله قبلها ، فجاءوا أول الليل إلى باب الغار ، فكمنوا له وسلّوا سيوفهم كي يقتلوه إذا جاء ، فأرسل الله ملائكة ، فاهبطوا على رأس كلّ واحد حجرا ، وقتلوا جميعهم (٢) .
وفي رواية : أنّهم دخلوا الغار ، فأنزل الله صخرة من الجبل ، ووقعت في باب الغار فسدّه فهلكوا(٣).
وعن مقاتل : أنّهم انتظروا صالحا في أصل الجبل ، فانحطّ عليهم الجبل فهلكوا (٤) .
والقمي : فأتوا صالحا ليلا ليقتلوه ، وعند صالح ملائكة يحرسونه ، فلمّا أتوا قاتلهم - أو قتلهم (٥) - الملائكة في دار صالح رجما بالحجارة ، فأصبحوا في داره مقتولين ، فأخذت (٦) قومه الرجفة فأصبحوا في دارهم (٧) جاثمين (٨) .
﴿فَانْظُرْ﴾ يا محمد ﴿كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ﴾ وهي ﴿أَنَّا دَمَّرْناهُمْ﴾ وأهلكناهم ﴿وَقَوْمَهُمْ﴾ الذين لم يكونوا معهم في التثبيت ﴿أَجْمَعِينَ﴾ بحيث لم يبق منهم أحد ﴿فَتِلْكَ﴾ البيوت الخربة التي تمرّون عليها في أسفاركم ﴿بُيُوتُهُمْ﴾ حال كونها ﴿خاوِيَةً﴾ وخالية ، أو ساقطة ومنهدمة ﴿بِما ظَلَمُوا﴾ على أنفسهم بالكفر والطغيان ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ﴾ التدمير العجيب ﴿لَآيَةً﴾ وعبرة عظيمة كافية ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ ذلك فيتّعظون به ﴿وَأَنْجَيْنَا﴾ من العذاب ومجاورة العتاة صالحا و﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بما آمن به ﴿وَكانُوا يَتَّقُونَ﴾ الله ، أو يحترزون من الكفر والعصيان.
قيل : هم أربعة آلاف خرج بهم صالح إلى حضرموت (٩) .
﴿وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ
شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٤) و (٥٥)﴾
ثمّ ذكر سبحانه تفضّله على لوط بانجائه من قومه والعذاب النازل عليهم بقوله : ﴿وَلُوطاً﴾ والتقدير : وأرسلنا أو أذكر يا محمّد لوطا ﴿إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ﴾ إنكارا عليهم وتوبيخا لهم : ﴿أَ تَأْتُونَ﴾
__________________
(١) تفسير روح البيان ٦ : ٣٥٧ ، تفسير الصافي ٤ : ٧٠.
(٢) تفسير الكشاف ٣ : ٣٧٣.
(٣) تفسير روح البيان ٦ : ٣٥٧.
(٤) مجمع البيان ٧ : ٣٥٥.
(٥) في تفسيري القمي والصافي : أتوه قاتلتهم.
(٦) في تفسير القمي : مقتلين وصبحت ، وفي تفسير الصافي : مقتلين وأخذت.
(٧) في تفسير القمي : ديارهم.
(٨) تفسير القمي ٢ : ١٣٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٧٠.
(٩) تفسير روح البيان ٦ : ٣٥٨.