ثمّ عطف على آل محمّد فقال : ﴿عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ﴾ أي ينصركم على عدوكم. ثمّ خاطب بني امية فقال : ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا﴾ يعني إن عدتم بالسفياني عدنا بالقائم من آل محمّد صلىاللهعليهوآله ﴿وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً﴾ [ أي ] حبسا يحصرون فيها (١) .
عن ( الكافي ) و( العياشي ) عن الصادق عليهالسلام في تأويل الإفسادتين بقتل عليّ عليهالسلام وطعن الحسن عليهالسلام ، والعلوّ الكبير بقتل الحسين عليهالسلام ، والعباد اولى البأس بقوم يبعثهم الله قبل خروج القائم ، فلا يدعون واترا لآل محمّد إلّا قتلوه ، ووعد الله بخروج القائم عليهالسلام والكرّة عليهم بخروج الحسين عليهالسلام في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهّب حين كان الحجّة القائم (٢) بين أظهرهم (٣) .
وعن ( العياشي ) : « ثمّ يملكهم الحسين عليهالسلام حتى يقع حاجباه على عينيه » (٤) .
وعنه عليهالسلام : « أول من يكرّ إلى الدنيا الحسين بن علي عليهالسلام [ وأصحابه ] ويزيد بن معاوية وأصحابه ، فيقتلهم حذو القذّة (٥) بالقذّة » ثمّ تلا هذه الآية (٦) .
وعن الباقر عليهالسلام : « أنّ العباد أولي بأس شديد هم القائم عليهالسلام وأصحابه » (٧) .
أقول : الظاهر أنّ المراد من الروايات تطبيق ما يقع في هذه الامّة على ما وقع في بني إسرائيل حذو النّعل بالنّعل ، لا صرف الآية عن ظاهرها وحصر المراد منها فيما وقع بعد الرسول صلىاللهعليهوآله.
﴿إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ
الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩)﴾
ثمّ لمّا وصف الله التوراة بكونها هدى لبني إسرائيل ، وصف القرآن بكونه هدى لكافّة الناس إلى أحسن الأديان بقوله : ﴿إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ﴾ الذي انزل إليك يا محمّد ﴿يَهْدِي﴾ الناس كافة إلى يوم القيامة ﴿لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ من سائر الملل ، وإلى الشريعة التي هي أسدّ وأتقن من سائر الشرائع بحيث لا يمكن أن تساويها ملّة وشريعة في الاستقامة والاتقان.
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٤ ، تفسير الصافي ٣ : ١٧٩.
(٢) هذه عبارة تفسير الصافي ، وفي الكافي : « المذهّب لكل بيضة وجهان ، المؤدّون إلى الناس أنّ هذا الحسين قد خرج حتى لا يشكّ المؤمنون فيه ، وأنه ليس بدجال ولا شيطان والحجة القائم ... » وفي تفسير العياشي نحوه.
(٣) تفسير العياشي ٣ : ٣٧ / ٢٤٦٤ ، الكافي ٨ : ٢٠٦ / ٢٥٠ ، تفسير الصافي ٣ : ١٧٩.
(٤) تفسير العياشي ٣ : ٣٧ / ٢٤٦٤ ، تفسير الصافي ٣ : ١٧٩.
(٥) القذّة : ريشة الطائر بعد تسويتها وإعداها لتركّب في السّهم ، والقول يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان.
(٦) تفسير العياشي ٣ : ٣٩ / ٢٤٦٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٧٩.
(٧) تفسير العياشي ٣ : ٣٨ / ٢٤٦٥ ، تفسير الصافي ٣ : ١٧٩.