في وصف الملك المسمى بالروح
وقيل : إنّ المراد به جبرئيل (١) ، وقيل : إنّ المراد به الملك الذي هو أعظم من سائر الملائكة قدرا وقوة (٢) .
وروى الفخر الرازي عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، أنّه قال : « هو ملك له سبعون ألف وجه ، لكل وجه سبعون ألف لسان ، لكل لسان سبعون ألف لغة ، يسبّح الله بتلك اللغات كلّها ، ويخلق الله من كلّ تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة » .
قال (٣) : ولم يخلق الله خلقا أعظم من الروح غير العرش ، ولو شاء أن يبتلع السماوات السبع والأرضين السبع ومن فيهنّ بلقمة واحدة لفعل (٤) .
ثمّ اعترض الناصب عليه بوجوه لا يليق بالمؤمن العاقل نقلها والجواب عنها.
القمي عن الصادق عليهالسلام ، أنّه سئل عن هذه الآية فقال : « خلق (٥) أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهو مع الأئمة ، وهو من الملكوت » (٦) .
وعنه عليهالسلام أيضا أنّه سئل عنه فقال : « خلق عظيم ، أعظم من جبرئيل وميكائيل ، لم يكن مع أحد ممّن مضى غير محمّد و[ هو ] مع الأئمة يسدّدهم ، وليس كلّما طلب وجد » (٧) .
وعنهما عليهماالسلام : « إنّما الروح خلق من خلقه ، له بصر وقوة وتأييد يجعله في قلوب المؤمنين والرّسل » (٨) .
أقول : يحتمل أن يكون المراد بذلك الملك النفس الكلية التي تتحرّك بها المتحرّكات من الأفلاك والملائكة والكواكب والحيوانات ، والمراد من رؤوسها الموجودات التي تعلّق بها ، ومن تكلّمه باللغات الكثيرة ، نطق تلك الموجودات بالتسبيح وغيره ، ومن كونها مع النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة عليهمالسلام قوة ظهورها فيهم بحيث لم يكن في غيرهم هذا الظهور والآثار.
﴿وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً * إِلاَّ
رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (٨٦) و (٨٧)﴾
ثمّ لمّا ذكر سبحانه قلّه علم الناس بالنسبة إلى علمه ، نبّه على أنّ هذا القليل بفضل منه تعالى وإنعامه
__________________
(١) تفسير الرازي ٢١ : ٣٩.
(٢) تفسير الرازي ٢١ : ٣٩.
(٣) في المصدر : قالوا.
(٤) تفسير الرازي ٢١ : ٣٩.
(٥) في المصدر : ملك.
(٦) تفسير القمي ٢ : ٢٦ ، الكافي ١ : ٢١٥ / ٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١٤.
(٧) تفسير العياشي ٣ : ٨١ / ٢٦٠٣ ، الكافي ١ : ٢١٥ / ٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١٤.
(٨) تفسير العياشي ٣ : ٨١ / ٢٦٠٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١٤.