وعنه صلىاللهعليهوآله قال : « سلوا الله الفردوس ، فإنّها أعلى الجنان ، وإنّ أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش»(١) . وعن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : « فيّ نزلت » (٢) .
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ *
ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا
الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ
بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (١٢) و (١٦)﴾
ثمّ لمّا أخبر باختصاص الفلاح بالمؤمنين في الآخرة ، استدلّ على البعث فيها بقدرته الكاملة على خلق الإنسان وتقليبه في أطوار الخلقة وأكوان مختلفة بقوله : ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ﴾ في بدو خلقته ﴿مِنْ سُلالَةٍ﴾ وخلاصة منسلّة ومستخرجة ﴿مِنْ طِينٍ.﴾
وقيل : إنّ المراد بالإنسان أولاد آدم ، والمراد من الطّين آدم ، ومن السّلالة الأجزاء الطّينيّة المنبثّة في أعضائه التي حين اجتماعها في أوعية المنيّ صارت منيّا (٣) .
وقيل : لمّا كانت الأغذية التي يتكوّن منها المنيّ متولّدة من صفو الأرض والماء ، كان مبدأ خلق الإنسان الطّين لكون المنيّ منه (٤) .
﴿ثُمَّ جَعَلْناهُ﴾ وصيّرناه ﴿نُطْفَةً﴾ وماء صافيا في صلب الرّجل ، ثمّ نقلناه بسبب الجماع ﴿فِي قَرارٍ مَكِينٍ﴾ ومستقرّ حصين ، وهو الرّحم ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا﴾ وصيّرنا ﴿النُّطْفَةَ﴾ بعد أربعين يوما ﴿عَلَقَةً﴾ ودما جامدا ﴿فَخَلَقْنَا﴾ وصيّرنا بعد أربعين يوما ﴿الْعَلَقَةَ﴾ والدّم الجامد ﴿مُضْغَةً﴾ وقطعة لحم ﴿فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ﴾ بعد أربعين يوما ﴿عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً﴾ وسترناها به بعد نبت العروق و الأعصاب والأوتار والعضلات عليها ﴿ثُمَّ أَنْشَأْناهُ﴾ وأوجدناه ﴿خَلْقاً آخَرَ﴾ مباينا للخلق الأوّل بنفخ الرّوح فيه ، فصار حيّا بعد ما كان ميتا ، وحيوانا بعد ما كان جمادا ، وناطقا بعد ما كان أبكم ، وسميعا بعد ما كان صمّا ، وبصيرا بعد ما كان أكمه ، وأودع في كلّ عضو منه عجائب فطرة وغرائب حكمة لا يحيط بها وصف الواصفين.
عن ابن عباس : هو تصريف (٥) الله الإنسان بعد الولادة في أطواره في زمن الطفوليّة ، وما بعدها إلى
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٣ : ٨٢.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٦٥ / ٢٨٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٩٥.
(٣و٤) تفسير الرازي ٢٣ : ٨٤.
(٥) في تفسير الرازي : تصرّف.