للشبّان إلى التفرّج ، لا طالبات لحاجتهنّ ، وإذا خرجن بغير زينة فلا جناح عليهنّ أن يضعن الجلباب والبرد والقناع ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ﴾ بترك الوضع ويستترن بالجلباب ونظائره ﴿خَيْرٌ لَهُنَ﴾ من الوضع لبعده عن التهمة ﴿وَاللهُ سَمِيعٌ﴾ لما يجري بينهنّ وبين الرجال من المقال ﴿عَلِيمٌ﴾ بضمائرهنّ ومقاصدهنّ.
﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا
عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ
بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ
بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى
أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ (٦١)﴾
ثمّ لمّا نفى سبحانه الجناح عن المرأة المسنّة في وضع الثياب ، نفى الحرج عن أصناف في ترك العمل ببعض التكاليف بقوله : ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ﴾ ووبال وإثم ﴿وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ﴾ والزمن ﴿حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ﴾ في ترك الجهاد على قول (١) أو في مؤاكلة الأصحّاء على آخر (٢) .
قيل : إنهم كانوا يمتنعون من مؤاكلة الأصحّاء ، أما الأعمى فلاحتمال أكله الأجود وتركه الاردأ للمبصر ، وأما الأعرج فلا احتمال تضييق المكان على جليسه لاحتياجه إلى مكان زائد ، وأما المريض فلاحتمال تأذّي الصحيح من مجالسته لمرضه ، أو كانوا جميعا يتحذّرون من استقذار الأصحّاء إياهم (٣) .
وقيل : إنّ الأصحّاء كانوا لا يأكلون مع الفرق الثلاث ، لأنّ الأعمى لا يبصر الطعام الجيد فلا يأخذه ، والأعرج لا يستطيع الجلوس فيأكل هو لقمة ويأكل غيره لقمتين ، والمريض لا يمكنه أن يأكل كما يأكل الصحيح (٤) ، وعلى هذا الوجه يكون ( على ) بمعنى ( في ) ولا بدّ من تقدير المضاف ، والمعنى ليس في مؤاكلة الأعمى حرج.
وعن عبيد الله بن عبد الله : أنّ المسلمين كانوا إذا غزوا خلّفوا زمناهم (٥) ، وكانوا يسلّمون إليهم مفاتيح
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٤ : ٣٥.
(٢) تفسير الرازي ٢٤ : ٣٥ ، تفسير روح البيان ٦ : ١٧٩.
(٣و٤) تفسير الرازي ٢٤ : ٣٥.
(٥) أي مرضاهم.