النساء إلى أن تقوم الساعة » (١) .
وقال القمي : لمّا فرغ إبراهيم عليهالسلام من بناء البيت ، أمره الله أن يؤذّن في الناس بالحجّ ، فقال : يا ربّ ، ما يبلغ صوتي ، فقال الله : أذّن ، عليك الأذان ، وعليّ البلاغ. وارتفع على المقام وهو يومئذ ملصق بالبيت ، فارتفع المقام حتى كان أطول من الجبال ، فأدخل إصبعيه في اذنيه ، وأقبل بوجهه شرقا وغربا ، ونادى : أيّها الناس ، كتب عليكم الحجّ إلى البيت العتيق ، فأجيبوا ربّكم ؛ فأجابوه من تحت البحور السبعة ، ومن بين المشرق والمغرب إلى منقطع التّراب من أطراف الأرض كلّها ، ومن أصلاب الرجال وأرحام النساء بالتّلبية : لبّيك اللهمّ لبّيك ، ألا ترون يأتون يلبّون ، فمن حجّ يومئذ إلى يوم القيامة ، فهم ممّن استجاب لله سبحانه [ و] ذلك [ قوله : ﴿فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ﴾](٢) .
وقال بعض العامّة : إنّ المأمور بقوله : ﴿أَذِّنْ﴾ هو محمّد صلىاللهعليهوآله ، ونسب ذلك القول إلى أكثر المعتزلة ، واستدلّ عليه بأنّ الخطابات التي تكون في القرآن إذا أمكن حملها على كون المخاطب بها محمّدا صلىاللهعليهوآله ، وجب حملها على ذلك ، لأنّه أولى (٣) . وعليه يكون معنى الآية : اذكر يا محمّد إذ بوّأنا لإبراهيم ... إلى آخره ، وأذّن أنت يا محمد بالحجّ يأتوك رجالا.
وقيل : إنّ المراد بالأذان إعلانه صلىاللهعليهوآله بالتّلبية حتى يعلم الناس أنّه حاجّ فيحجّوا معه ويقتدوا به(٤).
وفي ( الكافي ) عن الصادق عليهالسلام : « أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أقام بالمدينة عشر سنين لم يحجّ ، ثمّ أنزل الله تعالى : ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ﴾ الآية ، فأمر المؤذّنين أن يؤذّنوا بأعلى أصواتهم بأنّ رسول الله يحجّ في عامة [ هذا ] فعلم به من حضر بالمدينة وأهل العوالي والأعراب ، واجتمعوا لحجّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإنّما كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون فيتّبعونه ، أو يصنع شيئا فيصنعونه » (٥) . وإنّما قدّم ذكر المشاة للإشعار بفضيلتهم على الرّكبان.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أنّ الحاجّ الراكب له بكلّ خطوة تخطوها راحلته سبعون حسنة ، وللماشي سبعمائة حسنة من حسنات الحرم » قيل : يا رسول الله ، وما حسنات الحرم ؟ قال : « الحسنة بمائة ألف حسنة » (٦) .
﴿لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ
بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا
نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٨) و (٢٩)﴾
__________________
(١) علل الشرائع : ٤١٩ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٣.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٨٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٣.
(٣ و٤) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٨.
(٥) الكافي ٤ : ٢٤٥ / ٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٣.
(٦) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٨.