اولئك الرجال والنساء ، والناس اليوم على تلك المنزلة ، من شهر شيئا من ذلك ، أو اقيم عليه الحدّ ، فلا تزوّجوه حتى تعرف توبته » (١) فمحمول على الكراهة ، لمخالفتها للاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة العظيمة والمعتبرة المستفيضة منها : الصحيح « أيّما رجل فجر بامرأة ، ثمّ بدا له أن يتزوّجها حلالا ، فاذا أوّله سفاح وآخره نكاح ، فمثله مثل النخلة أصاب الرجل من تمرها حراما ، ثمّ اشتراها بعده ، فكانت له حلالا » (٢) .
والصحيح الآخر عن المرأة الفاجرة يتزوّجها الرجل المسلم ، قال : « نعم ، وما يمنعه ؟ ولكن إذا فعل فليحصّن بابه » (٣) .
ومنها الخبر : « نساء أهل المدينة فواسق » قلت : فأتزوّج منهنّ ؟ فقال : « نعم » (٤) .
ومنها الخبر الآخر : عن الرجل يتزوّج الفاجرة متعة ؟ قال : « نعم لأباس به ، وإن كان التزويج الآخر فليحصّن بابه » (٥) .
ومنها خبر آخر عن رجل أعجبته امرأة ، فسأل عنها ، فاذا النساء تنبئ عليها بشيء من الفجور. فقال : « لا بأس بأن يتزوّجها ويحصّنها » (٦) .
مع أنّ في بعض الروايات المانعة لفظ ( لم ينبغ ) الظاهر في الكراهة ، وفي جميعها التصريح باتخاذ حكم الزاني والزانية مع قيام الإجماع على جواز تزويج العفيفة من الزاني ، والسياق يقتضي جواز العكس.
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ
جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ
بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٤) * (٥)﴾
ثمّ بيّن سبحانه حكم نسبة الزنا إلى العفيفات بقوله : ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ﴾ وينسبون المؤمنات ﴿الْمُحْصَناتِ﴾ والعفيفات إلى الزنا ﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا﴾ عند الامام أو نائبه ﴿بِأَرْبَعَةِ﴾ رجال ﴿شُهَداءَ﴾ عدول يشهدون عليهنّ بما رموهنّ به وعجزوا عن إثبات صدق هذه النسبة ﴿فَاجْلِدُوهُمْ﴾ أيّها الولاة الحقّ ﴿ثَمانِينَ جَلْدَةً﴾ إن كان الطرفان بالغين عاقلين ، سواء كانا ذكرين ، أو أنثيين ، أو مختلفين ، وسواء كان الرامي حرّا أو مملوكا.
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣٥٥ / ٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٤١٦.
(٢) الكافي ٥ : ٣٥٦ / ٢ ، نوادر أحمد بن عيسى : ٩٨ / ٢٣٥.
(٣) نوادر أحمد بن عيسى : ١٣٣ / ٣٤٢.
(٤) التهذيب ٧ : ٢٥٣ / ١٠٩١.
(٥) التهذيب ٧ : ٢٥٣ / ١٠٩٠.
(٦) التهذيب ٧ : ٣٣١ / ١٣٦٣.