عندهم (١) .
وفي رواية عن الصادق عليهالسلام : « بعث في المدائن حاشرين - يعني مدائن مصر كلّها - فجمعوا الف ساحر ، واختاروا من الألف مائة ، ومن المائة ثمانين ، فقال السحرة لفرعون : قد علمت أنّه ليس في الدنيا أسحر منّا ، فان غلبنا موسى فما يكون لنا عندك ؟ قال : إنّكم لمن المقرّبين عندي ، اشارككم في ملكي. قالوا : فإن غلبنا موسى وأبطل سحرنا ، علمنا أنّ ما جاء به ليس من قبل السّحر ، ولا من قبل الحيلة ، وآمنّا به وصدّقناه. قال فرعون : إنّ غلبكم موسى صدّقته أنا أيضا معكم ، ولكن اجمعوا كيدكم (٢) ، وكان موعدهم يوم عيد لهم ، فلمّا ارتفع النهار جمع فرعون الخلق والسّحرة ، وكانت له قبّة طولها في السماء ثمانون ذراعا ، وقد كانت البست الحديد والفولاذ المصقول ، وكانت إذا وقعت الشمس عليها لم يقدر أحد أن ينظر إليها من لمع الحديد وهج الشمس ، فجاء فرعون وهامان وقعدا عليها ينظران ، وأقبل موسى ينظر إلى السماء ، فقالت السّحرة لفرعون : إنّا نرى رجلا ينظر إلى السماء ، ولم يبلغ سحرنا السماء » (٣) الخبر.
﴿قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ
فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ * فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ *
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ * قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ * رَبِّ مُوسى وَهارُونَ *
قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ
تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قالُوا
لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٤٣) و (٥٠)﴾
وأحضروا حبالهم وعصيّهم واصطفّوا في قبال موسى عليهالسلام ، ثم قالوا تأدبّا وتعظيما له : يا موسى إما أن تلقي عصاك أولا ، وإما أن نلقي حبالنا وعصينا ، الأمر إليك. فلمّا تواضعوا له تواضع هو أيضا لهم وقدّمهم على نفسه و﴿قالَ لَهُمْ مُوسى :﴾ بل ﴿أَلْقُوا﴾ واطرحوا أولا ﴿ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ﴾ ومطرحون ، وافعلوا ما أنتم فاعلون ، فانّي لا ابالي بكم وبصنيعكم ، وهذا الأمر إذن لا إيجاب. وقيل : إنّه إيجاب لكونه طريقا إلى كشف الحقّ (٤) .
وقيل : إنّه إيجاب مشروط ، والمعنى ألقوا إن كنتم محقّين ، أو تهديد والمعنى إن ألقيتم فانّي آت بما
__________________
(١) تفسير روح البيان ٦ : ٢٧٣.
(٢) زاد في تفسير القمي والصافي : أي حيلتكم ، قال.
(٣) تفسير القمي ٢ : ١٢٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٥.
(٤) تفسير الرازي ٢٤ : ١٣٤.