وحدي لا شريك لي في العبادة ، فإذا كان كذلك ﴿فَاعْبُدْنِي﴾ وخصّني بالعبادة ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ﴾ خصوصا ﴿لِذِكْرِي﴾ وتوجّه بقلبك (١) إليّ في الأوقات ، فإنّها أهمّ العبادات ، فإنّها ذكر ودعاء وركوع وسجود.
وقيل : يعني لأنّي ذكرتها في الكتب السماوية وأمرت بها (٢) . وقيل : يعني لإخلاص ذكري وطلب وجهي ، لا تراني بها ولا تقصد غرضا آخر بفعلها (٣) .
وقيل : يعني لأن أذكرك بالمدح والثناء (٤) . وقيل : لأوقات ذكري ، وهي مواقيت الصلاة (٥) . وقيل : يعني أقم الصّلاة حين تذكرها (٦) .
عن أنس ، عن النبي صلىاللهعليهوآله ، أنّه قال : « من نسي صلاة فليصلّها إذا ذكرها ، لا كفّارة لها إلّا ذلك » (٧) .
أقول : وعليه يكون في الكلام حذف ، والتقدير : لذكر صلاتي.
عن الباقر عليهالسلام : « إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت اخرى ، فإن كنت تعلم [ أنّك ] إذا صلّيت التي فاتتك كنت من الاخرى في وقت ، فابدأ بالتي فاتتك فإنّ الله يقول : ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾(٨) .
وعنه عليهالسلام : « معناه أقم الصّلاة متى ذكرت أنّ عليك صلاة ، كنت في وقتها أو لم تكن » (٩).
﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى * فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها
مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (١٥) و (١٦)﴾
ثمّ نبّه سبحانه على علّة وجوب العبادة والصلاة بقوله : ﴿إِنَّ السَّاعَةَ﴾ والقيامة ﴿آتِيَةٌ﴾ وكائنة لا محالة ، وهي لكثرة أهوالها وغاية عظمها ﴿أَكادُ أُخْفِيها﴾ واسترها عن كلّ أحد ، ولكنّ اللّطف ولزوم قطع الأعذار اقتضى إظهارها.
وقيل : يعني اريد أخفي وقتها ، ليكون الناس على حذر منها في جميع الأوقات (١٠) .
وقيل : يعني لو صحّ إخفاؤها من نفسي لأخفيتها عنّي ، فكيف اظهرها لكم ؟ وفيه غاية المبالغة في لزوم إخفائها عن النّاس (١١) .
وقيل : يعني أكاد اظهرها (١٢) بإتيانها ﴿لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ﴾ في تلك الساعة ﴿بِما تَسْعى﴾ وتعمل إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ.
__________________
(١) في النسخة : قلبك.
(٢ - ٤) تفسير الرازي ٢٢ : ١٩.
(٥ و٦) تفسير الرازي ٢٢ : ٢٠.
(٧) تفسير الرازي ٢٢ : ٢٠.
(٨) الكافي ٣ : ٢٩٣ / ٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٠٢.
(٩) مجمع البيان ٧ : ١٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٠٣.
(١٠) تفسير روح البيان ٥ : ٣٧١.
(١١ و١٢) تفسير الرازي ٢٢ : ٢٢.