أرضى إلّا بابن شيبة اليهودي ] . فقال ابن شيبة لعثمان : تأتمنون محمدا على وحي السماء ، وتتّهمونه في الأحكام ؟ ! فأنزل الله : ﴿وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ الآيات (١) .
﴿أَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ
أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ
لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللهَ
وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ * وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ
لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما
تَعْمَلُونَ (٥٠) و (٥٣)﴾
ثمّ بيّن سبحانه نهاية شناعة إعراضهم ببيان انحصار علّته في أحد الامور التي كلّها من أشنع الشنائع بقوله : ﴿أَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ من الكفر والنفاق من أول الأمر ﴿أَمِ ارْتابُوا﴾ وشكّوا في رسالة الرسول بعد اليقين بها ﴿أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ﴾ ويجوز ﴿عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ﴾ في حكمهما ، وليس أحد الأمرين مع تحقّقهما فيهم ، لأنّهما مقتضيان لعدم اتيانهما إليه ، ولو كانوا محقّين ، ولا الثالث لوضوح أمانة الرسول وعدم اغماضه عن الحق عندهم ﴿بَلْ أُولئِكَ﴾ المعرضون ﴿هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ على المحقّين ، المصرّون على البغي على الناس.
ثمّ بيّن سبحانه صفة المؤمنين المخلصين بقوله : ﴿إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ المخلصين ﴿إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ﴾ الرسول ﴿بَيْنَهُمْ﴾ وبين خصومهم ، ولو كانوا من غيرهم ﴿أَنْ يَقُولُوا﴾ للداعين ﴿سَمِعْنا﴾ دعاءكم ﴿وَأَطَعْنا﴾ ه بالاجابة والقبول ﴿وَأُولئِكَ﴾ المؤمنون ﴿هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ والفائزون بجميع المطالب الدنيوية والاخروية ، الناجون من كلّ محذور.
عن الباقر عليهالسلام : « إنّ المعنيّ بالآية أمير المؤمنين عليهالسلام » (٢) .
ثمّ أكّد سبحانه وجوب طاعة الرسول بقوله : ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ في ما ساءه ، وسرّه ، ونفعه وضرّه ﴿وَيَخْشَ اللهَ﴾ في ما مضى من ذنوبه أن يؤاخذه عليه ﴿وَيَتَّقْهِ﴾ ويحذره في ما بقي من عمره ﴿فَأُولئِكَ﴾ المطيعون الخاشعون المتّقون ﴿هُمُ الْفائِزُونَ﴾ بالفيوضات الأبدية والنّعم الدائمة.
قيل : إنّ ملكا سأل علماء عصره عن آية في القرآن إن عمل بها عمل بجميع القرآن ، فاتّفق العلماء
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٠٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٤٢.
(٢) مجمع البيان ٧ : ٢٣٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٤٢.