وعنه عليهالسلام أنّه ذكر أصحاب الكهف فقال : « لو كلّفكم قومكم ما كلّفهم ! » فقيل : ما كلّفهم قومهم ؟
فقال : « كلّفوهم الشّرك بالله العظيم ، فأظهروا لهم الشّرك وأسروّا الإيمان حتى جاءهم الفرج »(١).
وعنه : « أنّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف : أسرّوا الإيمان وأظهروا الشّرك ، فآتاهم الله أجرهم مرّتين » (٢) .
أقول : مقتضى هذه الروايات أنّهم لم يظهروا إيمانهم في بلدهم ، لا عند دقيانوس ولا عند القوم ، فلا بدّ من كون المراد من ( قيامهم ) إقدامهم على إظهار التّوحيد بعضهم لبعض.
عن الصادق عليهالسلام : « أنّهم مرّوا في طريقهم براع ، فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم ، [ وكان مع الرّاعي كلب ] فأجابهم الكلب وخرج معهم » (٣) .
وروى بعض العامّة أنّ الراعي قال لهم : لا تخافوا منّي فإنّي أحبّ الله ، فوافقهم وصاحبهم في الطّريق مع كلبه ، فذهبوا حتى قربوا من جبل قريب من بلدهم يقال له ينجلوس ، فقال له تمليخا كبيرهم حين أمنوا من كيد قومهم (٤) : ﴿وَإِذِ﴾ فارقتم قومكم و﴿اعْتَزَلْتُمُوهُمْ﴾ وجانبتموهم واعتزلتم ﴿وَما يَعْبُدُونَ﴾ من الأصنام ﴿إِلَّا اللهَ فَأْوُوا﴾ والتجأوا ﴿إِلَى الْكَهْفِ﴾ الذي يكون في هذا الجبل ، واتّخذوه مأوى ومسكنا ، واعبدوا ربّكم فيه ﴿يَنْشُرْ﴾ ويبسط ﴿لَكُمْ﴾ ويوسّع عليكم ﴿رَبُّكُمْ﴾ ومالك أمركم اللطيف بكم بعضا ﴿مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ الواسعة في الدارين ، ﴿وَيُهَيِّئْ﴾ ويسهّل ﴿لَكُمْ﴾ موافقا لصلاحكم ﴿مِنْ أَمْرِكُمْ﴾ الذي أنتم عليه من الفرار بدينكم ﴿مِرْفَقاً﴾ ومستراحا.
قيل : إنّهم لمّا قربوا من الجبل قال لهم الرّاعي : إنّ في هذا الجبل كهفا فأووا إليه ، فتوجّهوا الى الغار ، ولمّا سكنوا فيه أنطق الله الكلب فقال لهم بلسان فصيح : إنّي احبّ من أحبّ الله ، فناموا أنتم وأنا أحرسكم ، فسلّط الله عليهم النّوم فناموا (٥) .
قيل : إنّ دقيانوس رجع إلى بلد أفسوس بعد أيّام ، فسأل عن الشّبّان فأخبروه بفرارهم ، فأحضر آباءهم وكلّفهم أن يحضروا أبناءهم ، فقالوا : إنّهم أخذوا أموالنا وهربوا (٦) .
﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ
ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ
__________________
(١) تفسير العياشي ٣ : ٨٨ / ٢٦٣٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٣٤.
(٢) الكافي ١ : ٣٧٣ / ٢٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٣٤.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٣٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٣٣.
(٤) تفسير روح البيان ٥ : ٢١٩.
(٥) تفسير روح البيان ٥ : ٢١٩.
(٦) تفسير روح البيان ٥ : ٢٢٤.