لها : ﴿يا مَرْيَمُ﴾ والله ﴿لَقَدْ جِئْتِ﴾ وفعلت ﴿شَيْئاً﴾ وفعلا ﴿فَرِيًّا﴾ وعظيما ، أو منكرا عجيبا ﴿يا أُخْتَ هارُونَ﴾ الصالح ونظيره في العبادة والتقوى ، وقيل : كان لها أخ صالح اسمه هارون (١) ، وقيل : إنّ المراد هارون أخو موسى (٢) .
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « إنّما عنوا هارون النبيّ ، وكانت من أعقابه ، وإنّما قيل يا اخت هارون كما يقال يا أخا همدان ، أي يا واحدا منهم » (٣) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : أنّه بعث المغيرة بن شعبة إلى نجران ، فقالوا : أ لستم تقرءون : ﴿يا أُخْتَ هارُونَ﴾ وبينهما كذا وكذا ، فذكر ذلك للنبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : « ألا قلت : إنّهم كانوا يسمّون بأنبيائهم (٤) والصّالحين منهم » (٥) .
قال بعض العامّة : إنّ هارون كان رجلا معلنا بالفسق فشبّهوها به (٦) .
وعن القمي : أنّ هارون كان رجلا فاسقا زانيا ، فشبّهوها به (٧) .
ثمّ بالغوا في توبيخها بقولهم : ﴿ما كانَ أَبُوكِ﴾ عمران ﴿امْرَأَ سَوْءٍ﴾ ورجلا فاسقا زانيا ، كما عن ابن عبّاس (٨) . قيل : كان أشرف الأحبار (٩)﴿وَما كانَتْ أُمُّكِ﴾ حنة ﴿بَغِيًّا﴾ وزانية ، فلم كنت سيئة العمل ، ومن أين جئت بهذا الولد ؟
﴿فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ
آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ
وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا * وَالسَّلامُ
عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ
الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٢٩) و (٣٤)﴾
فلمّا بالغ القوم في توبيخها ، بل قيل إنّهم همّوا برجمها ، وكان عيسى عليهالسلام في حجرها يرتضع (١٠)﴿فَأَشارَتْ﴾ مريم ﴿إِلَيْهِ﴾ وأجابتهم بالإيماء : أنّ هذا الرضيع في حجرى يجيبكم وأنا صائمة لا أتكلّم ، فغضبوا غضبا شديدا و﴿قالُوا :﴾ لسخريّتها بنا أشدّ من زناها ﴿كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ﴾ شأنه أن يكون ﴿فِي الْمَهْدِ﴾ أو من كان في حجر امّه يرتضع حال كونه ﴿صَبِيًّا﴾ لا يفهم السؤال ولا يقدر
__________________
(١ - ٣) تفسير الرازي ٢١ : ٢٠٨.
(٤) في النسخة : بآبائهم.
(٥) سعد السعود : ٢٢١ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٧٩.
(٦) تفسير الرازي ٢١ : ٢٠٨.
(٧) تفسير القمي ٢ : ٥٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٧٩.
(٨ و٩) تفسير روح البيان ٥ : ٣٣٠.
(١٠) تفسير الرازي ٢١ : ٢٠٨.