من المقامع بقوله : ﴿يُحَلَّوْنَ﴾ ويزيّنون ﴿فِيها﴾ بأمر الله وتصدّي الملائكة ﴿مِنْ أَساوِرَ﴾ كائنة ﴿مِنْ ذَهَبٍ﴾ أحمر على ما قيل (١)﴿وَ﴾ يحلّون ﴿لُؤْلُؤاً﴾ لتزيّنهم.
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان لباس الكفّار في جهنّم ، بيّن لباس المؤمنين في الجنّة بقوله : ﴿وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ﴾ وثوب من إبريسم محض ، وإنّما غيّر الاسلوب ، حيث لم يقل : ويلبسون حريرا ، إشعار بأنّ لباسهم أمر غنيّ عن البيان ، وإنّما المحتاج إلى البيان تعيين جنسه ﴿وَهُدُوا﴾ فيها ﴿إِلَى الطَّيِّبِ﴾ والأحسن ﴿مِنَ الْقَوْلِ﴾ كقول : الحمد لله الّذي هدانا لهذا ، وقوله : الحمد لله الّذي أذهب عنّا الحزن ، وقوله : الحمد لله الّذي صدقنا وعده ، كما عن ابن عباس (٢) .
وقيل : هو البشارة التي تأتيهم من قبل الله (٣) .
وقيل : يعني هدوا في الدّنيا إلى القول الطيّب ، وهو شهادة أن لا إله إلّا الله (٤) .
وقيل : هو القرآن (٥) .
﴿وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ﴾ والطّريق المحمود نفسه أو عاقبته. وقيل : إنّ الصّراط هو الإسلام ، والحميد هو الله المستحقّ للحمد بذاته ، وإنّما أخّر هذه الهداية عن الهداية إلى القول الطيّب مع تقدّمها عليها رعاية للفواصل (٦) .
عن الصادق عليهالسلام - في هذه الآية - قال : « ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذرّ والمقداد بن الأسود وعمّار ، هدوا إلى أمير المؤمنين عليهالسلام » (٧) .
وعن الباقر عليهالسلام : « هو والله هذا الأمر الذي أنتم عليه » (٨) .
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ
سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٥)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان قضائه في حقّ الكفّار وشدّة عذابهم ، ذكر أعظم جرائمهم بعد الكفر بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بالله ورسوله ﴿وَيَصُدُّونَ﴾ الناس ويمنعونهم ﴿عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ والدخول في دينه وطاعته والهجرة إلى رسوله ﴿وَ﴾ عن دخول ﴿الْمَسْجِدِ الْحَرامِ﴾ وطواف البيت فيه ، مع أنّه المكان ﴿الَّذِي جَعَلْناهُ﴾ وصيّرناه معبدا ﴿لِلنَّاسِ﴾ كائنا من كان ﴿سَواءً الْعاكِفُ﴾ والمقيم ﴿فِيهِ
__________________
(١) تفسير روح البيان ٦ : ٢٠.
(٢) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٢ ، تفسير أبي السعود ٦ : ١٠٢ ، ولم ينسبه إلى ابن عباس.
(٣-٥) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٢.
(٦) تفسير أبي السعود ٦ : ١٠٢.
(٧) الكافي ١ : ٣٥٢ / ٧١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٧٠.
(٨) المحاسن : ١٦٩ / ١٣٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٦٩.