خلق بعض (١) . وقيل : إنّ المراد أنّه ليس لهم العلم بالمغيبات ولا بخلق أنفسهم ، فكيف تعبدونهم وتدّعون أنّهم شركائي في العبادة (٢) ؟
﴿وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا
بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً * وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها
مَصْرِفاً (٥٢) و (٥٣)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد توبيخ المشركين المتكبّرين على اتّباعهم الشيطان ونفي أهليّة التكبّر عنهم ، عاد إلى تهويلهم بأهوال القيامة وتقريعهم على الشّرك فيها بقوله : ﴿وَيَوْمَ يَقُولُ﴾ الله للمشركين تقريعا وتهكّما : أيّها المشركون ﴿نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ﴾ أنّهم شركائي في الالوهيّة والعبادة ، وأنّهم شفعاؤكم في هذا اليوم ، كي ينجوكم من العذاب بالقهر ، أو يشفعوا لكم (٣)﴿فَدَعَوْهُمْ﴾ ونادوهم ﴿فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ﴾ واستغاثوا بهم فلم يغيثوهم ﴿وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ﴾ من الداعين والمدعوّين ﴿مَوْبِقاً﴾ ومهلكا وهو النار ، أو واديا من جهنّم ، أو برزخا بعيدا يهلك فيه السائر ، أو عداوة شديدة مهلكة.
وقيل : إنّ البين بمعنى المواصلة ، والمعنى : جعلنا مواصلتهم في الدنيا هلاكهم في الآخرة (٤) .
﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ﴾ والمشركون بعد يأسهم من آلهتهم ﴿النَّارَ﴾ التي اعدّت لهم ﴿فَظَنُّوا﴾ وأيقنوا ﴿أَنَّهُمْ مُواقِعُوها﴾ ومخالطوها.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام « يعني : أيقنوا أنّهم داخلوها » (٥) .
وعنه عليهالسلام : « وقد يكون بعض ظنّ الكافر يقينا ، وذلك قوله تعالى : ﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ﴾ الآية ، أي : أيقنوا أنّهم مواقعوها » (٦) .
﴿وَلَمْ يَجِدُوا﴾ لأنفسهم ﴿عَنْها مَصْرِفاً﴾ ومعدلا إلى غيرها أو مهربا ؛ لأنّ الملائكة يسوقونهم إليها ، أو لأنّها محيطة بهم من كلّ جانب.
﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ
جَدَلاً (٥٤)﴾
__________________
(١) تفسير الرازي ٢١ : ١٣٨.
(٢) مجمع البيان ٦ : ٧٣٥ ، تفسير روح البيان ٥ : ٢٥٦.
(٣) في النسخة : يشفعوكم.
(٤) تفسير روح البيان ٥ : ٢٥٨.
(٥) التوحيد : ٢٦٧ / ٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٤٧.
(٦) الاحتجاج : ٢٥٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٤٧.