تريد موتهما » (١) .
﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً *
وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (٢٥) و (٢٦)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد الامر بإخلاص العبادة وعدم التضجّر من الوالدين ، حذّر الناس من المخالفة بقوله : ﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ﴾ منكم ﴿بِما فِي نُفُوسِكُمْ﴾ وضمائركم من الاخلاص في العبادة وعدمه ، والتضجّر من الوالدين وعدمه.
ثمّ رغّبهم في تزكية أنفسهم بقوله : ﴿إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ﴾ ومنزّهين عن رذائل الأخلاق وسيئات الأعمال ، تكونوا من الأوابين والراجعين إلى الله في ما فرط منكم من خطور غير الله في قلوبكم ، أو صدور أذيّة قولية أو عملية منكم ، والتائبين إليه من زلاتكم ، واعلموا أنّ الله يغفر لكم ﴿فَإِنَّهُ﴾ تعالى ﴿كانَ لِلْأَوَّابِينَ﴾ والتائبين - كما عن الصادق عليهالسلام (٢) - ﴿غَفُوراً﴾ لا يؤاخذهم بما صدر منهم من الهفوات والزلّات التي لا يخلو منها البشر ،
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان جملة من حقوق الوالدين ، بيّن حقّ الأرحام وغيرهم من الناس بقوله : ﴿وَآتِ﴾ يا محمّد ﴿ذَا الْقُرْبى﴾ وصاحب الرّحم ﴿حَقَّهُ﴾ المقرّر من الله. قيل : هو النفقة إذا كانوا فقراء (٣) . وقيل : هو المودّة والزيارة وحسن العشرة والمساعدة في حوائجهم (٤) .
﴿وَ﴾ آت ﴿الْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ﴾ حقّهم. عن الصادق عليهالسلام : « لمّا أنزل الله ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ﴾ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا جبرئيل ، [ قد ] عرفت المسكين ، فمن ذو القربى ؟ قال : هم أقاربك ، فدعا حسنا وحسينا وفاطمة ، فقال : إنّ ربّي أمرني أن أعطيكم مّما أفاء عليّ. قال : أعطيتكم فدك » (٥) .
وعن السجاد عليهالسلام : أنّه قال لبعض الشاميين : « أما قرأت هذه الآية ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ؟ ﴾ قال : نعم. قال : « فنحن اولئك الذين أمر الله نبيّه صلىاللهعليهوآله أن يعطيهم حقّهم » (٦) .
وعن الرضا عليهالسلام - في حديث له مع المأمون - : « والآية الخامسة : ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ﴾ خصوصية خصّهم الله صلىاللهعليهوآله العزيز الجبار بها ، واصطفاهم على الامّة ، فلمّا نزلت هذه الآية على رسول
__________________
(١) تفسير روح البيان ٥ : ١٤٨.
(٢) تفسير العياشي ٣ : ٤٤ / ٢٤٨٦ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٦.
(٣) تفسير روح البيان ٥ : ١٥٠.
(٤) تفسير روح البيان ٥ : ١٥٠.
(٥) تفسير العياشي ٣ : ٤٥ / ٢٤٩٠ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٧.
(٦) الاحتجاج : ٣٠٧ ، تفسير الصافي ٣ : ١٨٧.