الايمان والطاعة ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ بالله والرسول عن صميم القلب.
﴿وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ
لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩)﴾
ثمّ بيّن سبحانه تولّيهم عن حكمه بقوله : ﴿وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ﴾ الرسول ﴿بَيْنَهُمْ﴾ عند تنازعهم في شيء ﴿إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ عن التحاكم إليه ، لعلمهم بأنّهم على خلاف الحقّ ، وأنّ الرسول لا يساعدهم على باطلهم بالرشوة والمصانعة ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُ﴾ والحكم لا عليهم ﴿يَأْتُوا إِلَيْهِ﴾ للمحاكمة حال كونهم ﴿مُذْعِنِينَ﴾ ومنقادين لحكمه لجزمهم بأنّه صلىاللهعليهوآله يحكم لهم.
قيل : الآيات في بشر المنافق ، خاصم يهوديا في أرض ، فدعاه إلى كعب ابن الأشرف من أحبار اليهود ، ودعاه اليهودي إلى النبي (١) .
وعن الضحاك : أنّها نزلت في المغيرة بن وائل ، كان بينه وبين علي بن أبي طالب عليهالسلام أرض فتقاسمها ، فوقع إلى عليّ عليهالسلام منها ما لا يصله الماء إلّا بمشقّة ، فقال المغيرة : يعني أرضك ، فباعها إياه وتقابضا ، فقيل للمغيرة : أخذت أرضا سبخة لا ينالها الماء ، فقال لعلي عليهالسلام : اقبض أرضك فإنّما اشتريتها أن رضيتها ولم أرضها لأنّه لا ينالها الماء ، فقال عليّ عليهالسلام : « بل اشتريتها ورضيتها وقبضتها وعرفت حالها لا أقبلها منك » ودعاه إلى أن يخاصمه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال المغيرة : أمّا محمّد فلست آتيه ولا احاكم إليه ، فانّه يبغضني ، وإنيّ أخاف أن يحيف عليّ ، فنزلت (٢) .
وعن ( المجمع ) ، وعن البلخي ، قال : كانت بين عليّ وعثمان منازعة في أرض اشتراها من عليّ عليهالسلام فخرجت فيها احجار ، فأراد ردّها بالعيب ، فلم يأخذها ، فقال : بيني وبينك رسول الله صلىاللهعليهوآله. فقال الحكم بن أبي العاص : إن حاكمته إلى ابن عمّه حكم له ، فلا تحاكمه إليه ، فنزلت. قال : وهو المرويّ عن أبي جعفر عليهالسلام ، أو قريب منه (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : نزلت في أمير المؤمنين عليهالسلام وعثمان ، وذلك أنّه كان بينهما منازعة في حديقة ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : نرضى برسول الله صلىاللهعليهوآله. فقال عبد الرحمن بن عوف لعثمان : لا تحاكمه إلى رسول الله ، فانّه يحكم له عليك ، ولكن حاكمه إلى ابن شيبة (٤) اليهودى. [ فقال لأمير المؤمنين عليهالسلام : لا
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٤ : ٢٠ ، تفسير روح البيان ٦ : ١٦٩.
(٢) تفسير الرازي ٢٤ : ٢٠.
(٣) مجمع البيان ٧ : ٢٣٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٤٢.
(٤) في تفسير القمي : ابن أبي شيبة.