﴿يَفْعَلُ ما يَشاءُ﴾ من الإكرام والإهانة وغيرهما.
﴿هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ
يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ
مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا
عَذابَ الْحَرِيقِ (١٩) و (٢٢)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد ذكر فرقة المؤمنين وفرقة الكفّار المنقسمة إلى خمس فرق ، بيّن ما فيه اختلافهم وكيفيّة الفصل بينهم بقوله : ﴿هذانِ﴾ الفريقان ﴿خَصْمانِ﴾ متنازعان ، الذين ﴿اخْتَصَمُوا﴾ وتنازعوا ﴿فِي﴾ ذات ﴿رَبِّهِمْ﴾ وصفاته كما عن ابن عبّاس (١) . أو في دينه المرضيّ عنده ، وإنّما كان تخاصمهم [ يتمثّل في ] بناء أقوالهم وأفعالهم على ما كانوا يعتقدون ، وإن لم يجر بينهما تحاور.
قيل : تخاصمت اليهود والمؤمنون فقالت اليهود : نحن أحقّ بالله ، لأنّ كتابنا أقدم (٢) ، ونبيّنا قبل نبيّكم.
وقال المؤمنون : نحن أحقّ بالله ، لأنّا آمنّا بمحمّد صلىاللهعليهوآله وبنبيّكم ، وبما أنزل الله من كتاب ، وأنتم تعرفون كتابنا ونبيّنا ، ثمّ كفرتم به حسدا ، فنزلت (٣) .
وروي أنّ تلك المحاجّة كانت بين عامّة أهل الكتاب والمؤمنين (٤) .
وروي أنّ أبا ذرّ رضوان الله عليه كان يحلف بالله على أنّ الآية نزلت في ستّة من قريش تبارزوا يوم بدر : حمزة ، وعلي ، وعبيدة ، وعتبة ، وشيبة ، والوليد. وقال عليّ عليهالسلام : « أنّا أوّل من يجثوا للخصومة بين يدي الله تعالى يوم القيامة » (٥) .
وقيل : إنّ الخصمين الجنّة والنار ؛ قالت النار ، خلقني الله لعقوبته ، وقالت الجنّة : خلقني الله لرحمته ، فقصّ الله خبرهما لنبيّه صلىاللهعليهوآله (٦) .
وعن الحسين بن علي عليهماالسلام قال : « نحن وبنو اميّة ، قلنا : صدق الله ورسوله ، وقالت بنو اميّة : كذب الله ورسوله ، فنحن الخصمان يوم القيامة » (٧) .
وأمّا كيفيّة الفصل ﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ من الفرق ﴿قُطِّعَتْ﴾ وقدّرت ﴿لَهُمْ﴾ على مقادير جثثهم ﴿ثِيابٌ مِنْ نارٍ﴾ يلبسونها.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٣ : ٢١.
(٢) في تفسير أبي السعود : وأقدم منكم كتابا.
(٣) تفسير أبي السعود ٦ : ١٠١.
(٤) تفسير الرازي ٢٣ : ٢١.
(٥ و٦) تفسير الرازي ٢٣ : ٢١.
(٧) الخصال : ٤٢ / ٣٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٦٨.