وماله إلّا ضعّفه الله تعالى (١) .
قيل : إنّه تطاير من الماء الذي اغتسل منه إلى صدره الجراد من ذهب ، فجعل يضمّه بيده ، فأوحى الله إليه : يا أيّوب ، ألم أغنك ؟ قال : بلى ، ولكنّها بركتك ، فمن يشبع منها ؟ ثمّ جلس على مكان مشرف (٢) .
ثمّ أنّ امرأته قالت : هب إنّه طردني ، أفأتركه حتى يموت جوعا وتأكله السباع ؟ فرجعت ، فما رأت تلك الكناسة (٣) ولا تلك الحالة ، فجعلت تطوف حيث كانت الكناسة وتبكي ، وأيّوب عليهالسلام ينظر إليها ، وهابت أن تأتيه وتسأله عنه ، فأرسل إليها أيّوب ودعاها وقال لها : ما تريدين ؟ قالت : أردت المبتلى الذي كان ملقى على الكناسة ، قال لها : ما كان هو منك ؟ قالت : هو بعلي. قال : أتعرفينه إذا رأيتيه ؟
قالت : وهل يخفى على أحد يراه ؟ فتبسّم وقال : أنا هو ، فعرفته بضحكه فاعتنقته (٤) .
روي أنّ الله ردّ على امرأته شبابها ، فولدت له ستّة وعشرين ولدا (٥) .
وكان ذلك لأجل أنّه رحمنا عليه ﴿رَحْمَةً﴾ خاصة ﴿مِنْ عِنْدِنا﴾ ومن قدرتنا ﴿وَ﴾ تكون ﴿ذِكْرى﴾ وعبرة ﴿لِلْعابِدِينَ﴾ ووسيلة لهم إلى معرفتنا بكمال القدرة والرحمة حتى يصبروا كما صبر أيّوب ، ويثابوا كما اثيب.
وعن الصادق عليهالسلام : أنّه سئل كيف اوتي مثلهم معهم ؟ قال : « احيي له من ولده [ الذين كانوا ] ماتوا قبل ذلك بآجالهم » (٦) .
وعنه عليهالسلام قال : « ابتلي أيّوب سبع سنين بلا ذنب » (٧) .
[ وفي العلل عنه عليهالسلام قال ] : « وإنّما كانت بليّة أيّوب لنعمة أنعم الله بها عليه فأدّى شكرها...» (٨) .
﴿وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ * وَأَدْخَلْناهُمْ فِي
رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٥) و (٨٦)﴾
ثمّ ذكر سبحانه بعض الصابرين من الأنبياء بقوله : ﴿وَإِسْماعِيلَ﴾ بن إبراهيم الذي قال لأبيه : ستجدني إن شاء الله من الصابرين ﴿وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌ﴾ منهم ﴿مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ على طاعة الله
__________________
(١ و٢) تفسير الرازي ٢٢ : ٢٠٧.
(٣) الكناسة : موضع القمامة.
(٤) تفسير الرازي ٢٢ : ٢٠٧.
(٥) تفسير روح البيان ٥ : ٥١٤.
(٦) الكافي ٨ : ٢٥٢ / ٣٥٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٥١.
(٧) الخصال : ٣٩٩ / ١٠٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٥١.
(٨) علل الشرائع : ٧٥ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٥١ ، وللحديث تتمة في ( العلل ) ، وقد نقل المصنف هذا المقدار من تفسير الصافي ، وأحال في الصافي إلى تتمة الحديث في سورة ( ص ) .