طاعاته في الدنيا.
وقيل : يعني له خير حاصل من جهتها (١) .
﴿وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ﴾ عظيم يكون لأهل العصيان ﴿يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ﴾ ومأمونون لا يرعبهم بعد الفزع من نفخ الصّور شيء من أهوال الموقف التي هي الفزع الأكبر ﴿وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ من الشّرك والكفر ، وما هو بمنزلته من إنكار الولاية ﴿فَكُبَّتْ﴾ واسقطت منكوسة (٢)﴿وُجُوهُهُمْ﴾ أو المعنى القوا على وجوههم ﴿فِي النَّارِ.﴾ وقيل : إنّ المراد بالوجوه أبدانهم (٣) . ثمّ يقال لهم توبيخا : ﴿هَلْ تُجْزَوْنَ﴾ اليوم ﴿إِلَّا ما كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿تَعْمَلُونَ﴾ من الشرك ، والعقائد الفاسدة ، والأعمال الشنيعة.
في الحديث : « إذا كان يوم القيامة جاء الإيمان والشّرك يجثوان بين يدي الربّ تعالى ، فيقول الله تعالى للايمان : انطلق أنت وأهلك إلى الجنّة ويقول للشّرك : أنطلق أنت وأهلك إلى النار » . ثمّ قرأ رسول الله صلىاللهعليهوآله : ﴿مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ﴾ إلى قوله : ﴿فِي النَّارِ﴾(٤) .
وروى بعض العامة عن أبي عبد الله الجدلي قال : دخلت على أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : « يا أبا عبد الله ، ألا انبّئك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنة ، والسيئة التي من جاء بها أكبّه الله في النار ولم يقبل معها عملا ؟ » قلت : بلى. قال : « الحسنة حبنّا ، والسيئة بغضنا » (٥) .
وعن الصادق ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام - في هذه الآية - قال : « الحسنة معرفة الولاية وحبّنا أهل البيت ، والسيئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت » ثمّ قرأ الآية (٦) .
وعن الباقر عليهالسلام - في قوله تعالى : ﴿وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً﴾ - قال : « من تولّى الأوصياء من آل محمّد واتّبع آثارهم ، فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين حتى تصل ولايتهم إلى آدم عليهالسلام ، وهو قوله تعالى : ﴿مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها﴾ يدخله الجنة » (٧) .
وعنه عليهالسلام - في هذه الآية - قال : « الحسنة ولاية عليّ وحبّه ، والسيئة عداوته وبغضه ، ولا يرفع معهما عمل » (٨) .
﴿إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ
أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ
وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ * وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٤ : ٢٢١.
(٢) في النسخة : منكوسا.
(٣ - ٥) تفسير روح البيان ٦ : ٣٧٧.
(٦) الكافي ١ : ١٤٢ / ١٤ ، تفسير الصافي ٤ : ٧٨.
(٧) الكافي ٨ : ٣٧٩ / ٥٧٤ ، تفسير الصافي ٤ : ٧٨.
(٨) روضة الواعظين : ١٠٦ ، تفسير الصافي ٤ : ٧٨.