في تفسير سورة النمل
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ * هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (١) و (٣)﴾
لمّا ختم سبحانه سورة الشعراء بدفع نسبة الكهانة والشعر عن القرآن العظيم ، ومدح المؤمنين به ، وتهديد الظالمين الهاجين له وللرسول والمؤمنين ، أردفها في النّظم بسورة النمل المفتتحة والمختتمة بمدح القرآن وتعظيمه ، وبيان فوائده المهمة وفضله ، المتضمنة لكثير من المطالب التي تضمّنتها السورة السابقة من بيان كيفية بعثة موسى عليهالسلام ودعوته لفرعون ، وإظهاره المعجزات الباهرات ، وقصة صالح ولوط ، وبيان التوحيد والمعاد وغيرها ، فابتدأها بذكر أسمائه المباركة بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ ثمّ افتتحها بالحروف المقطّعة من قوله : ﴿طس﴾ لما مرّ في بعض الطرائف من النّكت (١) وقيل : معناه الطاهر السنيّ ، وأنا اللطيف السميع (٢) .
عن الصادق عليهالسلام : « أنا الطالب السميع » (٣) .
وعن ابن عباس : أنّه اسم من أسماء الله أقسم به (٤) على أن ﴿تِلْكَ﴾ السورة أو الآيات التي فيها ﴿آياتُ الْقُرْآنِ﴾ الذي بشّر به الأنبياء السابقون ، وعرف بعظم القدر وعلوّ الشأن ﴿وَ﴾ آيات ﴿كِتابٍ﴾ لا يشابهه كتاب ﴿مُبِينٍ﴾ ومظهر ما في تضاعيفه من المعارف والحكم والأحكام والعبر وبيان أحوال الآخرة ، أو ظاهر إعجازه وصدقه لكلّ أحد.
ثمّ بالغ سبحانه في اتّصافه بكونه هاديا ومبشّرا بقوله : ﴿هُدىً﴾ بالبراهين إلى الحقّ وجميع الخيرات ﴿وَبُشْرى﴾ برحمة الله ورضوانه ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ به فانّهم المنتفعون بما فيه وهم ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ حقّ الإقامة ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ﴾ الواجبة ، ويؤتونها لمستحقّيها ، ويصرفونها في
__________________
(١) راجع : الطرفة (١٨) من مقدمة المؤلف.
(٢) تفسير الصافي ٤ : ٥٨ ، تفسير روح البيان ٦ : ٣١٨.
(٣) معاني الأخبار : ٢٢ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ٥٨.
(٤) مجمع البيان ٧ : ٢٨٨.