﴿لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ * لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا
يَسْمَعُونَ * إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ * لا
يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ * لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ
الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٩٩) و (١٠٣)﴾
ثمّ بيّن سبحانه امتناع كون الأصنام آلهة بقوله : ﴿لَوْ كانَ هؤُلاءِ﴾ المعبودون ﴿آلِهَةً﴾ على الحقيقة كما تزعمون ﴿ما وَرَدُوها﴾ وما دخلوها البتّة ﴿وَكُلٌ﴾ من المعبودين وعابديهم ﴿فِيها﴾ بعد الورود ﴿خالِدُونَ﴾ لا خلاص لهم منها أبدا ، هذا حال جميعهم ، وأمّا حال خصوص عبدتهم فهو أنّه (١)﴿لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ﴾ وأنين وتنفّس شديد عن غمّ مالئ للصدور ﴿وَهُمْ فِيها﴾ مع كونهم عميا وبكما ﴿لا يَسْمَعُونَ﴾ زفير أنفسهم فضلا عن زفير غيرهم.
عن ابن مسعود قال : يجعل المشركون في توابيت من نار ، ثمّ تجعل التوابيت في توابيت اخرى ، ثمّ تجعل تلك في اخرى عليها مسامير من نار ، فلا يسمعون شيئا ، ولا يرى أحد منهم أنّ في النّار أحدا يعذّب غيره (٢) .
عن الصادق عليهالسلام ، عن أبيه عليهالسلام : « أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إنّ الله تبارك وتعالى يأتي يوم القيامة بكلّ شيء يعبد من دونه ، من شمس أو قمر أو غير ذلك ، ثمّ يسأل كلّ إنسان عمّا كان يعبد ، فيقول كلّ من عبد غير الله : ربّنا إنّا كنّا نعبده ليقرّبنا إليك زلفى. فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة : إذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون إلى النّار ما خلا من استثنيت ، فأولئك عنها مبعدون » (٣) .
وعنه عليهالسلام : « إذا كان يوم القيامة أتي بالشمس والقمر في صورة ثورين ، فيقذف بهما وبمن عبدهما في النّار ، وذلك أنّهما عبدا فرضيا » (٤) .
أقول : فيه دلالة على أنّ الأجرام الفلكية لها حياة وشعور.
روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله دخل المسجد وصناديد قريش في الحطيم (٥) ، وحول الكعبة ثلاثمائة وستّون صنما ، فجلس إليهم ، فعرض له النضر بن الحارث ، فكلّمه رسول الله صلىاللهعليهوآله فأفحمه ، ثمّ تلا عليهم ﴿إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ﴾ الآية ، فأقبل عبد الله بن الزّبعرى ، فرآهم يتهامسون فقال : فيما خضتم ؟ فأخبره الوليد بن المغيرة بقول رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال عبد الله : أما والله لو وجدته لخصمته فدعوه ، فقال ابن
__________________
(١) في النسخة : أنّ ، ولا تناسب من حيث الإعراب.
(٢) تفسير روح البيان ٥ : ٥٢٤.
(٣) قرب الإسناد : ٨٥ / ٢٧٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٥٥.
(٤) علل الشرائع : ٦٠٥ / ٧٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٥٥.
(٥) الحطيم : بناء قبالة الميزاب من خارج الكعبة.