إنّ هذا اعتراض وكلام من الله ، ردّا للخائضين في حديثهم (١) .
﴿سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ
وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا
تُمارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (٢٢)﴾
ثمّ حكى سبحانه التنازع في عددهم بقوله : ﴿سَيَقُولُونَ﴾ إنّ أصحاب الكهف عددهم ﴿ثَلاثَةٌ﴾ لا أزيد و﴿رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ وظاهر الآية أنّ هذا التنازع كان في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، كما روي أنّ السيّد والعاقب وأصحابهما من أهل نجران كانوا عند النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فجرى ذكر أصحاب الكهف ، فقال السيّد - وكان يعقوبيّا - : كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم ، وقال العاقب - وكان نسطوريّا - : كانوا خمسة سادسهم كلبهم ، وقال المسلمون : كانوا سبعة وثامنهم كلبهم (٢) ، فنزل : ﴿سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ وهذان القولان يكونان ﴿رَجْماً بِالْغَيْبِ﴾ ورميا بما يخفى على الناس ، وكلاما من غير دليل ، أو ظنّا به ﴿وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ.﴾
قيل : في تعقيب القولين الأوّلين بقوله : ﴿رَجْماً بِالْغَيْبِ﴾ دلالة على أنّ القول الثالث ليس كذلك (٣) .
وقيل : إنّ ذكر الواو هنا دالّ على إثبات هذا القول وتصحيحه (٤) .
عن ابن عباس قال : حين وقعت الواو انقطعت العدّة ، يعني لم يبق بعدها عدّة عادّ يعتدّ بها ، وثبت أنّهم سبعة وثامنهم كلبهم قطعا وجزما (٥) .
﴿قُلْ﴾ يا محمّد تحقيقا للحقّ وردّا على القولين الأوّلين : ﴿رَبِّي أَعْلَمُ﴾ من أهل الكتاب ، من اليهود والنصارى ﴿بِعِدَّتِهِمْ﴾ وعددهم ، وبعده تعالى ﴿ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ من النّاس كالنبيّ والوصيّ والذين وفّقهم الله للاستشهاد بالقرائن على الحقّ. قال ابن عباس : أنا من ذلك القليل (٦) .
روى الفخر الرازي وبعض العامة عن علي عليهالسلام : « أنّهم سبعة نفر وأسماؤهم هذا : يمليخا ، ومكسلمينا ، ومسلثينا ، وهؤلاء الثلاثة كانوا أصحاب يمين الملك ، وكان عن يساره مرنوس ، ودبرنوس ، وسادنوس ، وكان الملك يستشير هؤلاء الستّة في مهمّاته ، والسابع هو الراعي الذي وافقهم لما هربوا من ملكهم ، واسمه كفشططيوش أو كفيشيططيوش ، واسم كلبهم قطمير (٧) .
__________________
(١ و٢) تفسير الرازي ٢١ : ١٠٥.
(٣) تفسير الرازي ٢١ : ١٠٦.
(٤) تفسير الرازي ٢١ : ١٠٦.
(٥) جوامع الجامع : ٢٦٤ ، تفسير روح البيان ٥ : ٢٣٣.
(٦) جوامع الجامع : ٢٦٤ ، تفسير الرازي ٢١ : ١٠٦ ، تفسير روح البيان ٥ : ٢٣٣.
(٧) تفسير الرازي ٢١ : ١٠٦ ، تفسير أبي السعود ٥ : ٢١٦ ، تفسير روح البيان ٥ : ٢٣٣.