منها علقة مقيّدة بأجل معيّن ، تزول ببلوغ أجل تلك العلقة ، نظير إباحة المالك للغير التصرّف في ملكه. فإذا كانت مطلقة أفادت جواز التصرّف فيه مطلقا غير مقيّد بوقت ، ولا ترتفع إلا برجوع المالك عنها أو بانتفاء الموضوع ونظائره ، وإذا كانت مقيّدة بمدّة معيّنة تزول ببلوغ المدّة.
وأمّا التّوارث فهو حكم تعبّدي لخصوص الصّنف الأوّل من العلقة بالأدلّة المخصّصة لعموم الآية ، ولو لم تكن تلك الأدلّة المخصّصة لعموم الآية ، لكنّا نحكم بثبوته لكلا الصّنفين ، كما خصّصت الأدلّة بقيّة الأحكام الاخر من وجوب النّفقة ، والكسوة ، والسّكنى ، والقسم ، وغيرها من الحقوق بالصنف الأوّل.
فتبيّن أنّ التمسّك بالآية لإثبات حرمة المتعة بعد ثبوت شرعيّتها بالكتاب والسّنة والإجماع من غاية الجهل ، وإنّما الكلام بيننا وبين مخالفينا في نسخه ، ولم يدلّ دليل عليه ، بل ثبت بقاؤه بالأدلّة القطعيّة ، بل بقول من أبدع تحريمها حيث قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله ، وأنا احرّمهما (١) . فإنّ إسناده التحريم إلى نفسه دالّ على عدم نسخها من شارعها.
عن الباقر عليهالسلام ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « إنّ الله أحلّ لكم الفروج على ثلاثة معان : فرج مورّث (٢) وهو الثّبات ، وفرج غير مورّث وهو المتعة ، وملك يمين » (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : أنّه سئل عن المتعة فقال : « حلال ، فلا تتزّوج إلّا عفيفة ، إنّ الله يقول : ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ﴾(٤) .
وعنه عليهالسلام : « تحلّ الفروج بثلاثة وجوه : نكاح بميراث ، ونكاح بلا ميراث ، ونكاح بملك يمين»(٥) .
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ
* أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨) و (١١)﴾
ثمّ وصف سبحانه المؤمنين بالتحرّز عن التعدّي على الغير بقوله : ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ﴾ والودائع التي أودعها غيرهم عندهم ﴿وَعَهْدِهِمْ﴾ والميثاق الذي بينهم وبين غيرهم من الخالق والخلق ﴿راعُونَ﴾ وحافظون لا يخونون في مال ، ولا ينقضون عهدا ، ومن جملة الأمانات الولاية والتّكاليف الإلهيّة التي حملها الإنسان كما قال سبحانه : ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ﴾(٦) الآية. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله :
__________________
(١) صحيح البخاري ٢ : ٢٨٢ / ١٦٤ و٦ : ٥٩ / ٤٣ ، الأوائل للعسكري : ١١٢.
(٢) في التهذيب : موروث ، وكذا التي بعدها.
(٣) التهذيب ٧ : ٢٤١ / ١٠٥١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٩٤.
(٤) الكافي ٥ : ٤٥٣ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٩٤.
(٥) الكافي ٥ : ٣٦٤ / ١ - ٣ ، الخصال : ١١٩ / ١٠٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٩٤.
(٦) الأحزاب : ٣٣ / ٧٢.