وقيل : إنّها الحمّامات (١) .
وعن الصادق عليهالسلام : « هي الحمّامات والخانات والأرحية ، وتدخلها بغير إذن » (٢) .
أقول : الظاهر أنّ المراد كلّ بيت معدّ لدخول الناس ولو لبعض حوائجهم ، وما ذكر في الروايات إنّما هو من باب المثال وذكر المصداق ، فيدخل في الآية محكمة القضاة ، ومطب الأطبّاء ، والمكتبة المعدّة لورود الناس ومطالعة الكتب ونظائرها.
ثمّ أوعد الله سبحانه الداخلين في البيوت بقصد الفساد والاطلاع على العورات بقوله : ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ﴾ وتظهرون من الأعمال ﴿وَما تَكْتُمُونَ﴾ وتسترون من الضمائر والنيّات فيجازيكم عليها.
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ
خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ
فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ
وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما
مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ
يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ
وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣٠) و (٣١)﴾
ثمّ لمّا كان غضّ البصر وحفظ الفروج من شؤون العفاف ووظيفة المستأذنين ، أمر الرسول صلىاللهعليهوآله بتبليغ وجوبهما إلى المؤمنين والمؤمنات بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمّد ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أيّها المؤمنون غضّوا ، كي ﴿يَغُضُّوا﴾ بعضا ﴿مِنْ أَبْصارِهِمْ﴾ عن النساء الأجنبيات وخصوص عورات المحارم سوى الأزواج.
وقيل : إنّ كلمة ( من ) زائدة (٣) والمعنى يغضّوا ابصارهم.
وقيل : إنّ المعنى أن ينقصوا من نظرهم (٤)﴿وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ وعوراتهم من أن ينظر إليها الرجال والنساء من الأجنبيات والمحارم سوى الأزواج.
وقيل : إنّما قال ﴿مِنْ أَبْصارِهِمْ﴾ ولم يقل : من فروجهم ؛ لأنّه قد يجوز النظر إلى ما عدا عورة
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٠٠ ، تفسير أبي السعود ٦ : ١٦٩ ، تفسير روح البيان ٦ : ١٣٩.
(٢) تفسير القمي ٢ : ١٠١ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٢٩.
(٣) كنز العرفان ٢ : ٢٢٠.
(٤) تفسير الرازي ٢٣ : ٢٠٢.