عظيمة.
وقيل : يعني من كان في هذه الدنيا أعمى القلب ، حشر يوم القيامة أعمى العين والبصر ، فيقول: ﴿رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً ؟﴾(١)
وعن الباقر عليهالسلام : « من لم يدلّه خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ودوران الشمس والقمر والآيات العجيبات على أنّ وراء ذلك أمرا أعظم منه ، فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا » (٢) .
وعن الرضا عليهالسلام : « إياك وقول الجهّال [ من ] أهل العمى والضلال الذين يزعمون أنّ الله جلّ وتقدّس موجود في الآخرة للحساب والثواب والعقاب ، وليس بموجود في الدنيا للطاعة والرجاء ، ولو كان في الوجود لله عزوجل نقص واهتضام لم يوجد في الآخرة أبدا ، ولكن القوم تاهوا وعموا وصمّوا عن الحقّ من حيث لا يعلمون ، وذلك قوله عزوجل : ﴿وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً﴾ يعني أعمى عن الحقائق الموجودة » (٣) .
وعن ( الخصال ) عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « أشدّ العمى من عمي عن فضلنا وناصبنا العداوة بلا ذنب سبق إليه منّا ، إلّا أن دعوناه إلى الحقّ ، ودعاه من سوانا إلى الفتنة في الدنيا فأتاها ، ونصب البراءة منّا والعداوة [ لنا ] » (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام ، أنّه سئل عن هذه الآية فقال : « ذلك الذي يسوّف نفسه الحجّ - يعني حجّة الاسلام - حتى يأتيه الموت » (٥) .
﴿وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ
خَلِيلاً وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (٧٣) و (٧٤)﴾
ثمّ لمّا كان من لوازم عمى القلب الاغترار بوساوس أهل الضلال ، نهى المؤمنين عنه بتهديد نبيه المعصوم من كلّ زلل عليه بقوله : ﴿وَإِنْ كادُوا﴾ والمعنى وإن الشأن أنّ المشركين قربوا ﴿لَيَفْتِنُونَكَ﴾ ويصرفونك بخدعهم ومكرهم ﴿عَنِ﴾ تبليغ ﴿الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ﴾ من الأحكام والوعد والوعيد ﴿لِتَفْتَرِيَ﴾ وتختلق ﴿عَلَيْنا غَيْرَهُ﴾ ممّا يلقونه إليك ﴿وَإِذاً﴾ والله ﴿لَاتَّخَذُوكَ﴾ واختاروك لأنفسهم
__________________
(١) تفسير الرازي ٢١ : ١٩ ، والآية من سورة طه : ٢٠ / ١٢٥.
(٢) التوحيد : ٤٥٥ / ٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٠٧.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٧٥ / ١ ، التوحيد : ٤٣٨ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٠٧.
(٤) الخصال : ٦٣٣ / ١٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٠٧.
(٥) تفسير القمي ٢ : ٢٤ ، تفسير العياشي ٣ : ٦٦ / ٢٥٧٠ ، الكافي ٤ : ٢٦٨ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٠٧.