﴿خَلِيلاً﴾ وصديقا مع أنّك تكون لنا حبيبا ﴿وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ﴾ على الحقّ وعصمناك من الزلل بالملكة القدسية وتأييدك بروح القدس ﴿لَقَدْ كِدْتَ﴾ وقربت من أنّه ﴿تَرْكَنُ﴾ وتميل ﴿إِلَيْهِمْ﴾ وتعزم على موافقة مرادهم بمقتضى الطبيعة البشرية ﴿شَيْئاً قَلِيلاً﴾ وركونا يسيرا لقوّة مقتضياته من كثرة خدعهم وشدّة احتيالهم.
عن ابن عبّاس : نزلت في وفد ثقيف ، أتو رسول الله صلىاللهعليهوآله فسألوه شططا ، وقالوا : متّعنا باللات سنة ، وحرّم وادينا كما حرّمت مكة شجرها وطيرها ووحشها ، فأبى ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يجبهم ، فكرّروا ذلك الالتماس ، وقالوا : إنا نحبّ أن تعرف العرب فضلنا عليهم ، فإن كرهت ما نقول وخشيت أن تقول العرب : أعطيتهم ما لم تعطنا. فقل : الله أمرني بذلك ، فأمسك رسول الله صلىاللهعليهوآله عنهم ، وداخلهم الطمع ، فصاح عليهم عمر ، وقال : أما ترون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله [ قد ] أمسك عن الكلام كراهية لما تذكرونه ، فأنزل الله هذه الآية (١) .
وروي أنّهم جاءوا بكتابهم فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا كتاب [ من ] محمّد رسول الله إلى ثقيف لا يعشّرون ولا يحشرون. فقالوا : ولا يجبون. فسكت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ قالوا للكاتب : كتب ولا يجبون ، والكاتب ينظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقام عمر وسلّ سيفه ، وقال : أسعرتم قلب نبينا أسعر الله قلوبكم نارا ، فقالوا : لسنا نكلّمك ، إنّما نكلّم محمّدا ، فنزلت (٢) .
وروي أنّ قريشا قالوا له : اجعل آية العذاب آية رحمة (٣) . حتى نؤمن بك ، فنزلت (٤) .
وقيل : إنّ كفّار مكّة أخذوا رسول الله صلىاللهعليهوآله ليلة بمكة قبل الهجرة ، فقالوا : كف يا محمّد عن ذمّ آلهتنا وشتمها ، فلو كان ذلك حقّا كان فلان وفلان بهذا الأمر أحقّ منك. فوقع في قلب رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّ يكفّ عن شتم آلهتهم ، فنزلت (٥) .
وعن سعيد بن جبير أنّه صلىاللهعليهوآله كان يستلم الحجر ، فمنعه قريش وقالوا : لا ندعك حتى تستلم آلهتنا ، فوقع في نفسه أن يفعل ذلك مع كراهية ، فنزلت (٦) .
عن الصادق عليهالسلام ، أنّه سئل عن هذه الآية فقال : « لمّا كان يوم الفتح ، أخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله أصناما من المسجد ، وكان منها صنم على المروة ، وطلبت قريش أن يتركه ، وكان صلىاللهعليهوآله مستحييا ، فهمّ بتركه ، ثمّ أمر بكسره ، فنزلت » (٧) .
__________________
(١ و٢) تفسير الرازي ٢١ : ٢٠.
(٣) في تفسير الرازي : اجعل آية رحمة آية عذاب ، وآية عذاب آية رحمة.
( ٤-٦ ) تفسير الرازي ٢١ : ٢٠.
(٧) تفسير العياشي ٣ : ٦٨ / ٢٥٧٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٠٨.