وقيل : يوم القيامة ، كما عن أمير المؤمنين عليهالسلام (١) .
وقيل : إنّ ضمير الجمع في بعضهم راجع إلى جميع الخلق (٢) .
ثمّ ذكر سبحانه الآية الثانية بقوله : ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ النفخة الثانية التي عندها الحشر ﴿فَجَمَعْناهُمْ﴾ في صعيد واحد بعد تفتّت أعضائهم ﴿جَمْعاً﴾ عجيبا للحساب والجزاء ﴿وَعَرَضْنا﴾ وأبرزنا ﴿جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ﴾ بحيث تكون مكشوفة بأهوالها ﴿لِلْكافِرِينَ﴾ منهم ﴿عَرْضاً﴾ وإبرازا هائلا ، حيث يرون لهبها ، ويسمعون تغيّظها وزفيرها.
في الحديث : « يؤتى بجهنّم يومئذ ولها سبعون ألف زمام ، مع كلّ زمام سبعون ألف ملك يجرّونها» (٣) .
﴿الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً *
أَ فَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ
لِلْكافِرِينَ نُزُلاً (١٠١) و (١٠٢)﴾
ثمّ وصف الكفّار بأذمّ صفاتهم بقوله : ﴿الَّذِينَ كانَتْ﴾ في الدنيا ﴿أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ﴾ وحجاب غليظ مانع ﴿عَنْ﴾ رؤية الآيات المؤدّية بالتفكّر فيها إلى ﴿ذِكْرِي﴾ بالتوحيد والتمجيد ﴿وَكانُوا﴾ مع ذلك ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ﴾ لفرط إعراضهم عن الحقّ وعداوتهم للرّسول ﴿سَمْعاً﴾ لذكري واستماعا لكلامي ، وفيه دلالة على أنّهم أسوء حالا من الأصمّ ، حيث إنّ الأصمّ قد يستطيع السمع إذا صيح به ، وهؤلاء زالت عنهم تلك الاستطاعة.
عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل : أتستطيع النفس المعرفة ؟ فقال : « لا » . [ فقيل : ] يقول الله ﴿الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ﴾ الآية ؟ قال : « هو كقوله : و﴿ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ﴾(٤) » . قيل : فعابهم ؟ قال : « لم يعبهم بما صنع هو بهم ، [ ولكن ] عابهم بما صنعوا ، ولو لم يتكلّفوا لم يكن عليهم شيء » (٥) .
وعن الرضا عليهالسلام : « أنّ غطاء العين لا يمنع من الذّكر ، والذّكر لا يرى بالعين ، ولكن الله شبّه الكافرين بولاية علي بن أبي طالب بالعميان ؛ لأنّهم كانوا يستثقلون قول النبيّ صلىاللهعليهوآله فيه ، ولا يستطيعون له سمعا » (٦) .
__________________
(١) تفسير العياشي ٣ : ١١٤ / ٢٧٠٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٦٦.
(٢) مجمع البيان ٦ : ٧٦٦.
(٣) تفسير روح البيان ٥ : ٣٠٢.
(٤) هود : ١١ / ٢٠.
(٥) تفسير العياشي ٣ : ١٢٣ / ٢٧١٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٦٦.
(٦) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٣٦ / ٣٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٦٦.