ومذهب الشرك والبدع المخترعة بالأهواء الزائغة ﴿إِنَّ الْباطِلَ﴾ كائنا ما كان ﴿كانَ زَهُوقاً﴾ ومضمحلّا.
روى الفخر الرازي وغيره من العامة عن ابن مسعود : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله دخل مكة يوم الفتح ، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما ، فجعل ينكت بمخصرة كانت بيده [ في ] عين واحد واحد ويقول : ﴿جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ﴾ فينكبّ لوجهه حتّى ألقى جميعها ، وبقي صنم خزاعة فوق الكعبة ، وكان من صفر ، فقال : يا علي ارم به ، فصعد فرمى به فكسره (١) .
وعن الصادق عليهالسلام ، عن أبيه ، عن آبائه : « دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله مكة والأصنام حول الكعبة ، وكانت ثلاثمائة وستين صنما ، فجعل يطعنها (٢) بمخصرة في يده ويقول : ﴿جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً﴾ وما يبدي وما يعيد ، فجعلت تنكبّ لوجهها » (٣) .
وعن الباقر عليهالسلام ، في هذه الآية : « إذا قام القائم ذهبت دولة الباطل » (٤) .
﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ
خَساراً (٨٢)﴾
ثمّ لمّا أمر سبحانه نبيه صلىاللهعليهوآله بتلاوة القرآن والتهجّد به ، بيّن فضيلة القرآن وفوائده بقوله : ﴿وَنُنَزِّلُ﴾ السور والآيات التي ﴿مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ﴾ من الأمراض الجسمانية والروحانية ، كالشكّ والزّيغ والأخلاق الرذيلة ﴿وَ﴾ ما هو ﴿رَحْمَةٌ﴾ وهداية ورشاد إلى العقائد الحقّة والأخلاق الفاضلة والأعمال المحمودة ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ به والمتمسّكين بما فيه والعاملين بأحكامه.
عن الصادق عليهالسلام - في حديث - « إنما الشّفاء في علم القرآن ، لقوله : ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ﴾ لأهله لا شكّ فيه ولا مرية ، وأهله أئمة الهدى » (٥) .
وعنه عليهالسلام : « ما اشتكى أحد من المؤمنين شكاية (٦) قطّ وقال بإخلاص نيّة ومسح موضع العلّة : ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً﴾ إلّا عوفي من تلك العلّة أية علّة كانت ، ومصداق ذلك في الآية حيث يقول : ﴿شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾(٧) .
وعنه عليهالسلام : « لا بأس بالّرقية والعوذة والنّشرة إذا كانت من القرآن ، ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله ،
__________________
(١) تفسير الرازي ٢١ : ٣٣ ، تفسير روح البيان ٥ : ١٩٤ ، تفسير أبي السعود ٥ : ١٩١.
(٢) في أمالي الطوسي : يطفّها.
(٣) أمالي الطوسي : ٣٣٦ / ٦٨٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١٢.
(٤) الكافي ٨ : ٢٨٧ / ٤٣٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١٢.
(٥) تفسير العياشي ٣ : ٧٩ / ٢٥٩٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١٣.
(٦) في طب الأئمة عليهمالسلام : شكاة.
(٧) طب الأئمة عليهمالسلام : ٢٨ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١٣.