وعن الصادق عليهالسلام في هذه الآية قال : « يعني بالذّكر ولاية أمير المؤمنين » قال : « كانوا لا يستطيعون إذا ذكر عندهم عليّ عليهالسلام أن يسمعوا ذكره ، لشدّة بغضهم له ، وعداوة منهم له ولأهل بيته»(١) .
ثمّ وبّخ الله الكافرين المعرضين عن آيات التوحيد على شركهم بقوله : ﴿أَ فَحَسِبَ﴾ والتقدير لا شرك (٢)﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وأشركوا بي ﴿أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي﴾ كالملائكة وعيسى وعزير والأصنام والشياطين ويختاروهم لأنفسهم ﴿مِنْ دُونِي﴾ وممّا سواي ، أو متجاوزين إيّاي ﴿أَوْلِياءَ﴾ ومعبودين ، أو ناصرين لهم ، ومنجيهم من عذابي ، فقد ضلّوا وأخطأوا في حسبانهم وتوهّمهم ﴿إِنَّا أَعْتَدْنا﴾ وهيّئنا ﴿جَهَنَّمَ﴾ وما فيها منن أنواع العذاب ﴿لِلْكافِرِينَ﴾ بوحدانيّتي ، ورسالة رسولي ، والدّار الآخرة ﴿نُزُلاً﴾ ومأوى ، أو تشريفا لورودهم عليّ ، كما تعدّ التشريفات لورود الضّيف ذي الشأن (٣) ، وفيه غاية التهكّم.
وعن ابن عباس : أنّه موضع النزول والمأوى (٤) .
﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ
فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً * ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما
كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً (١٠٣) و (١٠٦)﴾
ثمّ بيّن الله غاية جهلهم وخسرانهم بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمّد لهؤلاء المشركين : ﴿هَلْ نُنَبِّئُكُمْ﴾ وأخبركم ﴿بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً﴾ وبالأقوام الذين هم أشدّ الخلق ضررا على أنفسهم من جهة أعمالهم.
ثمّ كأنّه قيل : من هم ؟ (٥) بيّنهم لنا ، فأجابهم بقوله : ﴿الَّذِينَ ضَلَ﴾ وبطل ﴿سَعْيُهُمْ﴾ واهتمامهم في الأعمال التي هي في أنفسها حسنة ﴿فِي الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ ومدّة أعمارهم فيها ﴿وَهُمْ يَحْسَبُونَ﴾ ويتوهّمون ﴿أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾ ويعملون صالحا ينفعهم في الآخرة ، بجهلهم بشرائط صحّة العمل واعتقادهم أنّهم على الحقّ مع عدم النظر في دلائله ، وتقصيرهم فيه.
قيل : اريد بهم الرّهبان (٦) . وعن مجاهد : هم أهل الكتاب (٧) .
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٤٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٦٦.
(٢) كذا.
(٣) في النسخة : الضيف الشئون.
(٤) تفسير روح البيان ٥ : ٣٠٣.
(٥) تفسير روح البيان ٥ : ٣٠٤.
(٦ و٧) تفسير الرازي ٢١ : ١٧٤.