جانبه عليه كساء ، إذا قنّع رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطّى رجليه خرج رأسه ، فقام موسى يصلّي وقال ليوشع : احفظه (١) عليّ ، قال : فقطرت قطرة من السماء في المكتل فاضطرب الحوت ، ثمّ جعل يثب من المكتل إلى البحر ، وهو قوله تعالى : ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً﴾ ثمّ جاء طير فوقع في (٢) ساحل البحر ، ثمّ أدخل منقاره في البحر فقال : يا موسى ، ما أخذت من علم ربّك ما حمل [ ظهر ] منقاري من جميع ماء البحر (٣) .
وفي رواية عنهما عليهماالسلام : « لمّا كان من أمر موسى عليهالسلام ما كان ، اعطي مكتلا فيه حوت مملّح ، وقيل له : هذا يدلّك على صاحبك عند مجمع البحرين صخرة عندها عين (٤) لا يصيب منها شيء ميّتا إلّا حيي ، يقال لها عين الحياة ، فانطلقا حتى بلغا الصخرة ، فانطلق الفتى يغسل الحوت في العين ، فاضطرب في يده فخدشه وتفلّت منه ونسيه الفتى » (٥) .
﴿فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً * قالَ أَرَأَيْتَ
إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ
وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً * قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما
قَصَصاً * فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا
عِلْماً (٦٢) و (٦٥)﴾
﴿فَلَمَّا جاوَزا﴾ مجمع البحرين ﴿قالَ﴾ موسى ﴿لِفَتاهُ﴾ يوشع : ﴿آتِنا غَداءَنا﴾ والحوت الذي أعددناه لأكلنا أوّل النهار ، بالله ﴿لَقَدْ لَقِينا﴾ وأصبنا ﴿مِنْ سَفَرِنا هذا﴾ الذي نحن فيه ﴿نَصَباً﴾ وتعبا شديدا وعيّا كثيرا.
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « لم يجد موسى النّصب حتى جاوزا (٦) المكان الذي أمره به » (٧) .
وعن الصادق عليهالسلام : « إنّما أعيى حيث جاوزا (٨) الوقت » (٩) .
فلمّا جاء يوشع بالسفرة تذكّر قصّة الحوت و﴿قالَ :﴾ يا موسى ﴿أَ رَأَيْتَ﴾ وهل اطّلعت على الأمر العجيب ، فإنّا ﴿إِذْ أَوَيْنا﴾ ووصلنا ﴿إِلَى الصَّخْرَةِ﴾ ونزلنا عندها ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ﴾ وتركت
__________________
(١) في تفسير العياشي : احفظ.
(٢) في تفسير العياشي : فوقع على.
(٣) تفسير العياشي ٣ : ١٠١ / ٢٦٧١ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٤٩.
(٤) في تفسير العياشي : عين مجمع البحرين.
(٥) تفسير العياشي ٣ : ٩٧ / ٢٦٦٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٥٠.
(٦) في تفسير روح البيان : جاوز.
(٧) تفسير روح البيان ٥ : ٢٦٥.
(٨) في تفسير العياشي : جاوز.
(٩) تفسير العياشي ٣ : ١٠١ / ٢٦٧١ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٥٠.