﴿حَمِيمٍ﴾ وخاصة مهتمّ بأمرنا أو رؤوف وشفيق كما يكون للمؤمنين ، فإنّ بين أهل النار التعادي والتباغض.
وقيل : يعني ما لنا من شافعين ولا صديق من الأصنام الذين كنّا نحسبهم شفعاء ، ومن شياطين الإنس الذين نزعمهم أنّهم أصدقاء (١) .
عن الصادق عليهالسلام : « الشافعون الأئمّة عليهمالسلام ، والصديق من المؤمنين » (٢) .
والقمي عنهما عليهماالسلام : « والله لنشفعنّ في المذنبين من شيعتنا حتى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك : ﴿فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾(٣) .
وعن الباقر عليهالسلام : « أنّ الشفاعة لمقبولة ، وما تقبل في الناصب ، وإنّ المؤمن ليشفع لجاره وماله حسنة ، وإنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع في ثلاثين (٤) ، فعند ذلك يقول أهل النار ﴿فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ﴾(٥) .
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « أنّ الرجل يقول في الجنة : ما فعل صديقي فلان ؟ وصديقه في الجحيم ، فيقول الله تعالى : أخرجوا له صديقه في (٦) الجنة ، فيقول : من بقي في النار : ﴿فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ* وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ﴾(٧) .
قيل : إن جمع الشافعين وتوحيد الصديق لكثرة الأول وقلّة الثاني (٨) ، فانّ الصادق في المودة الذي هو المراد من الصديق أعزّ من الكبريت الأحمر ، وقيل : إنّ الصديق يطلق على الجميع كالعدوّ (٩) .
﴿فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ
مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٠٢) و (١٠٤)﴾
ثمّ لما يئسوا من النجاة تمنّوا العود إلى الدنيا بقولهم : ﴿فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً﴾ ورجعة إلى الدنيا ، ويا ليت لنا عودة إليها ﴿فَنَكُونَ﴾ فيها ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ الذين تنالهم الشفاعة وتنفعهم الصداقة.
وقيل : إنّ كلمة ( لو ) شرطية ، والمعنى لو أنّ لنا الرجوع فنكون من المؤمنين لفعلنا كذا وكذا (١٠) ، أو لنلنا بغاية آمالنا.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٤ : ١٥٢.
(٢) المحاسن : ١٨٤ / ١٨٧ ، تفسير الصافي ٤ : ٤٣.
(٣) تفسير القمي ٢ : ١٢٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٤٣.
(٤) في الكافي وتفسير الصافي : ليشفع لثلاثين إنسانا.
(٥) الكافي ٨ : ١٠١ / ٧٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٤٣.
(٦) في مجمع البيان وتفسير الصافي : إلى.
(٧) مجمع البيان ٧ : ٣٠٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٤٣.
(٨) جوامع الجامع : ٣٣٠ ، تفسير البيضاوي ٢ : ١٥٩ ، تفسير الرازي ٢٤ : ١٥٢.
(٩) تفسير البيضاوي ٢ : ١٥٩ ، تفسير أبي السعود ٦ : ٢٥٣ ، وفيه : الجمع كالعدوّ.
(١٠) تفسير أبي السعود ٦ : ٢٥٣.