وعن القمي : نزلت في حنظلة بن أبي عامر (١) ، وذلك أنه تزوّج في الليلة التي في صبيحتها حرب احد ، فاستأذن رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يقيم عند أهله ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية ﴿فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ﴾ فأقام عند أهله ، ثمّ أصبح وهو جنب ، فحضر القتال واستشهد ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : رأيت الملائكة تغسل حنظلة بماء المزن في صحائف فضة بين السماء والأرض ، فسمّي غسيل الملائكة » (٢) .
﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ
يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ
يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان إذن الخروج من عند الرسول صلىاللهعليهوآله ، بيّن آداب مخاطبته بقوله : ﴿لا تَجْعَلُوا﴾ أيّها المسلمون ﴿دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ﴾ ونداءه ﴿كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً﴾ آخر وندائه.
عن سعيد بن جبير : يعني لا ينادى كما ينادي بعضكم بعضا : يا محمّد ، يا أبا القاسم ، ولكن قولوا : يا رسول الله ، يا نبيّ الله (٣) .
وعن الباقر عليهالسلام [ قال ] : « يقول : لا تقولوا يا محمّد ، ولا يا أبا القاسم ، ولكن قولوا : يا نبي الله ، يا رسول الله » (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام ، قال : « قالت فاطمة عليهاالسلام : لما نزلت هذه الآية هبت رسول الله صلىاللهعليهوآله أن أقول له يا أبه ، فكنت أقول : يا رسول الله ، فأعرض عنّي مرّة أو اثنتين أو ثلاثا ، ثمّ أقبل إليّ فقال : يا فاطمة ، إنّها لم تنزل فيك ، ولا في أهلك ، ولا في نسلك ، أنت منّي وأنا منك ، إنّما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش أصحاب البذخ والكبر ، قولي : يا أبه ، فإنّها أحيى للقلب ، وأرضى للرب » (٥) .
وعن ابن عباس : يعني لا ترفعوا أصواتكم في دعائه (٦) .
وقيل : لا تجعلوا أمره [ إياكم ] ودعاءه لكم ، كما يكون من بعضكم لبعض ، إذ كان أمره فرضا لازما (٧) .
وقيل : أحذروا دعاءه عليكم إذا أسخطتموه ، فانّ دعاءه مستجاب ليس كدعاء غيره (٨) .
ثمّ هدّد سبحانه المنافقين الخارجين بلا إذن الرسول صلىاللهعليهوآله بقوله : ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللهُ﴾ المنافقين ﴿الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ﴾ ويخرجون ﴿مِنْكُمْ﴾ قليلا قليلا من بين المؤمنين ﴿لِواذاً﴾ وتستّرا ببعض لئلا يراهم
__________________
(١) في تفسيري القمي والصافي : ابن أبي عياش ، تصحيف انظر اسد الغابة ٢ : ٥٩.
(٢) تفسير القمي ٢ : ١١٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٥١.
(٣) تفسير الرازي ٢٤ : ٤٠.
(٤) تفسير القمي ٢ : ١١٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٥١.
(٥) مناقب ابن شهرآشوب ٣ : ٣٢٠ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٥١.
(٦) تفسير الرازي ٢٤ : ٤٠.
(٧) تفسير الرازي ٢٤ : ٣٩.
(٨) تفسير الرازي ٢٤ : ٤٠.