[ الله ] عزوجل نصفين ، فصار نصفه في أبي عبد الله بن عبد المطلب ، ونصف في أبي طالب ، فأنا من نصف الماء ، وعلي من النصف الآخر ، فعلي أخي في الدنيا والآخرة » (١) .
أقول : للرواية وأمثالها تأويلات لا يفهمها إلّا من نوّر الله قلبه بالايمان ، وأنعم عليه بالفكر الصائب والبصيرة الكاملة.
﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً *
وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً * قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ
يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٥) و (٥٧)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان كمال قدرته وعظمته ، وبّخ المشركين على عبادة الأصنام التي لا قدرة لها على شيء بقوله : ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ﴾ ومجاوزين عنه ﴿ما لا يَنْفَعُهُمْ﴾ إن عبدوه ﴿وَلا يَضُرُّهُمْ﴾ إن لا يعبدوه ، لأنّها جمادات لا ينبغي لذي مسكة (٢) الاعتماد عليها ﴿وَكانَ الْكافِرُ﴾ المشرك بشركه وعداوته للحقّ ﴿عَلى رَبِّهِ﴾ الخالق له وإلهه المربّي له ﴿ظَهِيراً﴾ وعونا للشيطان. وقيل : يعني هيّنا (٣) .
وعن الباقر عليهالسلام - في رواية - « علي هو ربّه في الولاية » (٤) .
والقمي ، قال : الكافر هو الثاني ، وكان علي أمير المؤمنين عليهالسلام ظهيرا » (٥) .
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان عداوة الكفّار له ، بيّن لطفه بهم الموجب لحبّهم له بقوله : ﴿وَما أَرْسَلْناكَ﴾ يا محمّد ، إلى الناس ﴿إِلَّا﴾ لتكون ﴿مُبَشِّراً﴾ لهم بالثواب على الطاعة ﴿وَنَذِيراً﴾ لهم بالعقاب على العصيان ، فمن أجهل ممّن اجتهد في إظهار العداوة لمن يحبّه ويلطف به ويصلح مهماته من دون طمع في مالهم ، ولذا أمر نبيّه بإعلامهم بعدم توقّع أجر منهم على الرسالة بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمد ، لهولاء المشركين : أنا مبعوث إليكم لتبليغ الحقّ و﴿ما أَسْئَلُكُمْ﴾ ولا أطلب منكم ﴿عَلَيْهِ﴾ شيئا ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾ ومال لنفسي حتى تقولوا : إنّ محمدا يطلب أموالنا بما يدعونا إليه ﴿إِلَّا﴾ عمل ﴿مَنْ شاءَ﴾ واراد ﴿أَنْ يَتَّخِذَ إِلى﴾ قرب ﴿رَبِّهِ﴾ ورحمة مليكة ﴿سَبِيلاً﴾ من الايمان والطاعة له ، فانّه أجري وجعلي على التبليغ والدعوة ، فانّ أجرى على رسالتي طاعتكم لله وتقرّبكم إليه ، فانّ النبي يثاب بقدر
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٣١٢ / ٦٣٧ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٠ ، ولم نعثر عليه في مصنفات الشيخ الصدوق ، والذي في الصافي : وعن الأمالي ، بدل وعن الصدوق.
(٢) المسكة : العقل الوافر والرأي.
(٣) تفسير أبي السعود ٦ : ٢٢٦.
(٤) بصائر الدرجات : ٩٧ / ٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٠.
(٥) تفسير القمي ٢ : ١١٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٠.