يأكلوا كيف شاءوا مجتمعين أو متفرّقين (١) .
وقيل : إنّهم كانوا يأكلون فرادى خوفا من أن يحصل عند الجمعية ما ينفّر أو يؤذي فنفي (٢) الله الجناح في أن يأكلوا معا (٣) .
ثمّ إنّه تعالى بعد الإذن في الأكل من البيوت المذكورة ، بيّن آداب الدخول فيها بقوله : ﴿فَإِذا دَخَلْتُمْ﴾ أيّها المسلمون ﴿بُيُوتاً﴾ من البيوت المذكورة ﴿فَسَلِّمُوا عَلى﴾ أهلها الذين هم بمنزلة ﴿أَنْفُسِكُمْ﴾ لما بينكم وبينهم من القرابة النسبية والدينية الموجبة لذلك.
عن الباقر عليهالسلام : « هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل ، ثمّ يردّون عليه ، فهو سلامكم على أنفسكم » (٤) فانّ السّلام يكون ﴿تَحِيَّةً﴾ وتكرمة ، أو المعنى فحيّوا تحية تكون ﴿مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ ومشروعة من لدنه مأمورا بها من قبله ، وتكون ﴿مُبارَكَةً﴾ ومستتبعة لزيادة الخيرات والبركات في الدنيا والثواب في الآخرة ، وتكون أيضا ﴿طَيِّبَةً﴾ تطيب بها نفس المستمع.
عن النبي صلىاللهعليهوآله - في حديث - « إذا دخلت بيتا (٥) فسلّم عليهم ، يكثر خير بيتك » (٦) .
عن الباقر عليهالسلام ، قال : « إذا دخل الرجل منكم بيته ، فان كان فيه أحد فليسلّم عليه (٧) ، وإن لم يكن فيه أحد فليقل : السّلام علينا من عند ربّنا يقول الله : تحية من عند الله مباركة طيبة » (٨) .
عن ابن عبّاس : من قال : السّلام عليكم ، [ معناه ] اسم الله عليكم (٩) .
وعن الطبرسي : وصفها بالبركة والطيب لأنّها دعوة مؤمن لمؤمن يرجو بها (١٠) . زيادة الخير وطيب الرزق (١١) .
ثمّ منّ سبحانه على العباد بإيضاح الأحكام الفخيمة بقوله : ﴿كَذلِكَ﴾ التبيين ﴿يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ وتفهمون ما في تضاعيفها من الأحكام ، وتعملون بها وتحوزون به سعادة الدارين.
﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ
يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ
__________________
(١و٢) تفسير الرازي ٢٤ : ٣٧.
(٣) في النسخة : يأكلوا معه.
(٤) معاني الأخبار : ١٦٢ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٥٠.
(٥) في تفسيري أبي السعود وروح البيان : بيتك.
(٦) تفسير أبي السعود ٦ : ١٩٧ ، تفسير روح البيان ٦ : ١٨٢ ، وفيه : يكثر خيرك.
(٧) في تفسير القمي : يسلم عليهم.
(٨) تفسير القمي ٢ : ١٠٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٥٠.
(٩) تفسير الرازي ٢٤ : ٣٨.
(١٠) زاد في جوامع الجامع : من الله.
(١١) جوامع الجامع : ٣١٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٤٥٠.