هباء منثورا ، وذلك أنّهم كانوا إذا شرّع لهم الحرام أخذوه » (١) .
وعنه عليهالسلام : أنّه سئل أعمال من هذه ؟ قال : « أعمال مبغضينا ومبغضي شيعتنا » (٢) .
وعن الباقر عليهالسلام ، قال : « يبعث الله يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطي ، ثمّ يقول له : كن هباء منثورا ، ثمّ قال : أما والله إنّهم كانوا يصومون ويصلّون ، ولكن كانوا إذا عرض لهم شيء من الحرام أخذوه ، وإذا ذكر (٣) لهم شيء من فضل أمير المؤمنين عليهالسلام أنكروه. قال : والهباء المنثور هو الذي تراه يدخل البيت في الكوّة من شعاع الشمس » (٤) .
أقول : هذه الروايات في بيان تأويل الآية وانطباقها على هذا النوع من المسلمين ، وإن كان نزولها في المشركين.
﴿أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً (٢٤)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد بيان سوء حال الكفّار وغاية حرمانهم من كلّ خير وثواب ، بيّن حسن حال المؤمنين بقوله : ﴿أَصْحابُ الْجَنَّةِ﴾ وهم المؤمنون المطيعون لله ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ وفي ذلك الوقت الذي يكون المشركون في أشدّ العذاب ﴿خَيْرٌ﴾ من سائر الناس ﴿مُسْتَقَرًّا﴾ ومنزلا ﴿وَأَحْسَنُ مَقِيلاً﴾ ومستراحا.
قيل : إنّ مستقر أهل الجنّة غير مكان قيلولتهم (٥) ، فانّهم يقيلون في الفردوس ثمّ يعودون إلى مستقرّهم (٦) .
قيل : إنّ المقيل زمان القيلولة (٧) ، فبيّن سبحانه أنّ مكانهم أحسن الأمكنة ، وزمانهم أطيب الأزمنة.
قيل : إنّه بعد الفراغ من المحاسبة والذّهاب إلى الجنّة يكون الوقت وقت القيلولة (٨) .
عن ابن مسعود : لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنّة في الجنّة ، وأهل النار في النار (٩) .
وعن سعيد بن جبير : أنّ الله تعالى إذا أخذ في فصل القضاء ، قضى بينهم بقدر ما بين صلاة الغداة إلى انتصاف النهار ، فيقيل أهل الجنة في الجنّة ، وأهل النار في النار (١٠) .
وقيل : يخفّف الله الحساب على أهل الجنة حتى يكون بمقدار نصف يوم من أيام الدنيا ، ثمّ يقيلون
__________________
(١) الكافي ٥ : ١٢٦ / ١٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٩.
(٢) بصائر الدرجات : ٤٤٦ / ١٥ ، تفسير الصافي ٤ : ١٠.
(٣) في تفسير القمي والصافي : عرض.
(٤) تفسير القمي ٢ : ١١٢ ، تفسير الصافي ٤ : ١٠.
(٥) في تفسير الرازي : غير مقيلهم.
(٦-٨) تفسير الرازي ٢٤ : ٧٢.
(٩) تفسير الرازي ٢٤ : ٧٢.
(١٠) تفسير الرازي ٢٤ : ٧٣.