ويخرجون منها يوما ، والشّفاعة جائزة لهم وللمستضعفين إذا ارتضى الله دينهم » (١) .
وعن الكاظم ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « إنّما الشّفاعة لأهل الكبائر من امّتي ، فأمّا المحسنون منهم فما عليهم من سبيل » .
قيل : يا ابن رسول الله : كيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر والله يقول : ﴿لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى﴾ ومن يرتكب الكبيرة لا يكون مرتضى ؟
فقال : « ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلّا ساءه ذلك وندم عليه ، وقال النبي صلىاللهعليهوآله : كفى بالندم توبة.
وقال صلىاللهعليهوآله : من سرّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن ، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، ولم تجب له الشفاعة ، وكان ظالما ، والله يقول : ﴿ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ ﴾(٢).
فقيل له : يا ابن رسول الله ، وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه ؟
فقال : « ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنّه سيعاقب عليها إلّا ندم على ما ارتكب ، ومتى ندم كان تائبا مستحقّا للشّفاعة ، ومتى لم يندم عليها كان مصرّا ، والمصرّ لا يغفر له ، لأنّه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ، ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوآله : لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار.
وأمّا قول الله عزوجل : ﴿وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى﴾ فإنّهم لا يشفعون إلّا لمن ارتضى [ الله ] دينه ، والدّين الإقرار بالجزاء على الحسنات والسّيّئات ، فمن ارتضى [ الله ] دينه ندم على ما ارتكبه من الذّنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة » (٣) .
﴿وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ *
أَ وَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا
مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ (٢٩) و (٣٠)﴾
ثمّ بالغ سبحانه في إظهار غضبه على الإشراك وقولهم : إنّ الملائكة آلهة بقوله : ﴿وَمَنْ يَقُلْ﴾ من الملائكة ويدّعي ﴿مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ﴾ ومتجاوزين إيّاه تعالى ﴿فَذلِكَ﴾ القائل بهذا القول منهم على فرض المحال ﴿نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ﴾ كغيره من المجرمين ، ولا يغني عنهم ما ذكر من صفاتهم السنيّة وأعمالهم المرضيّة ، فكيف بغيرهم ؟ ﴿كَذلِكَ﴾ الجزاء ﴿نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾ على الله بتضييع حقّه
__________________
(١) الخصال : ٦٠٨ / ٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٣٦.
(٢) المؤمن : ٤٠ / ١٨.
(٣) التوحيد : ٤٠٧ / ٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٣٦.