ثمّ ذكر سبحانه كمال قدرته وإنعامه عليهم بقوله : ﴿وَهُوَ﴾ القادر و﴿الَّذِي أَنْشَأَ ،﴾ وخلق ﴿لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ﴾ لتستعملوها في تحصيل معرفته ، ولكن ﴿قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ﴾ نعمه العظام ، بل تكفرونها باستعمالها في غير ما خلقت له.
ثمّ أردف ذكر هذه النّعم بذكر ما هو أعظم منها بقوله : ﴿وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ﴾ وخلقكم أو بثّكم ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ بالتناسل ﴿وَإِلَيْهِ﴾ تعالى ﴿تُحْشَرُونَ﴾ وتجمعون بعد التفرّق ، وتعذّبون على كفران نعمه ﴿وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي﴾ الموتى ﴿وَيُمِيتُ﴾ الأحياء بمقتضى فياضيّته ورحمته وحكمته ﴿وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ﴾ بالتعاقب والزيادة والنقص ﴿أَ فَلا تَعْقِلُونَ﴾ أيّها المشركون تلك الآيات الواضحة الدلالة على التوحيد والقدرة على إعادة الخلق للحساب.
﴿بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ * قالُوا أَ إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَ إِنَّا
لَمَبْعُوثُونَ * لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ
الْأَوَّلِينَ (٨١) و (٨٣)﴾
ثمّ لمّا ذكر سبحانه الحشر ، حكى من المشركين إنكاره بالتقليد وتبعية الآباء مع دلالة البراهين القاطعة عليه بقوله : ﴿بَلْ﴾ أعرضوا عن البراهين و﴿قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ﴾ والكفار السابقون تقليدا لهم.
ثمّ كأنّه قيل : ما قال المشركون ؟ فأجاب سبحانه بقوله : ﴿قالُوا﴾ انكارا للحشر ﴿أَ إِذا مِتْنا وَكُنَّا﴾ في القبور ﴿تُراباً وَعِظاماً﴾ نخرة ﴿أَ إِنَّا﴾ لمحيون ثانيا و﴿لَمَبْعُوثُونَ﴾ ومخرجون من القبور ؟ !
حاشا لا يكون ذلك أبدا بالإله الذي نعبده ﴿لَقَدْ وُعِدْنا﴾ تخويفا ﴿نَحْنُ وَآباؤُنا﴾ الأقدمون ﴿هذا﴾ البعث البعيد في نظر العقل ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ وفي الأزمنة السابقة على مجيىء محمّد صلىاللهعليهوآله.
ثمّ بالغوا [ في ] إنكاره بقولهم : ﴿إِنْ هذا﴾ الوعد وما ذلك الحديث ﴿إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ وأكاذيب السابقين التي لفّقوها وسطّروها في الدفاتر لتقرأ ويضحك منها.
﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ *
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَ فَلا
تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ * بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ