الله عزوجل : ﴿لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا ﴾(١) .
ثمّ رتّب سبحانه على ذلك الدليل تنافي الالوهيّة للمشاركة فيها بقوله : ﴿فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ﴾ ونزّهوه تنزيها لا يقال إلّا له [ لأنه ] المدبّر لجميع الموجودات لعلّة الوهيّته وربوبيّته ﴿عَمَّا يَصِفُونَ﴾ ذاته المقدّسة بما لا يليق به من النقائص التي من جملتها كون الشريك والولد له.
ثمّ أنّه تعالى بعد إثبات تفرّده في الالوهيّة بيّن كمال عظمته وقوّة سلطانه بقوله : ﴿لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ﴾ ولا يناقشه أحد في ما يصدر منه من حكم وتقدير وإثابة وتعذيب ﴿وَهُمْ﴾ لكونهم عبيده وتحت قدرته وسلطانه ﴿يُسْئَلُونَ﴾ عمّا يفعلون نقير أو قطمير ، وفيه تهديد ووعيد للكفّار والمشركين.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « يعني بذلك خلقه أنّهم يسألون » (٢) .
وعن الباقر عليهالسلام ، أنّه سئل : وكيف لا يسأل عمّا يفعل ؟ فقال : « لأنّه لا يفعل إلّا ما كان حكمة وصوابا ، وهو المتكبّر الجبّار والواحد القهّار ، فمن وجد في نفسه حرجا في شيء ممّا قضى [ فقد ] كفر ، ومن أنكر شيئا من أفعاله جحد » (٣) .
عن الرضا عليهالسلام أنّه قال : « قال الله تعالى : يابن آدم ، بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ، وبقوّتي أدّيت إليّ فرائضي ، وبنعمتي قويت على معصيتي ، جعلتك سميعا بصيرا قويّا ، ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، وذلك أنّي أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيّئاتك منّي ، وذلك أنّي لا أسأل عمّا أفعل وهم يسألون (٤) » .
﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي
بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ * وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ
إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ * وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ
بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٤) و (٢٧)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد إبطال الوهيّة غيره بالبرهان ، أعاد التّوبيخ عليهم بإشراكهم بلا دليل بقوله : ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً﴾ مع عرائها من خصائص الالوهيّة ﴿قُلْ﴾ يا محمّد لهؤلاء المشركين تبكيتا
__________________
(١) التوحيد : ٢٥٠ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٣٤.
(٢) علل الشرائع : ١٠٦ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٣٤.
(٣) التوحيد : ٣٩٧ / ١٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٣٤.
(٤) التوحيد : ٣٣٨ / ٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٣٥.