به شيئا ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ﴾ وتحرّوا ما هو صلاحكم ، أو الأصلح لكم في كلّ ما تأتون كالنوافل والفرائض ، وصلة الأرحام ، والبرّ والإنفاق على الإخوان والفقراء ، وحسن البشر والقول ومكارم الأخلاق ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ وبكلّ خير من خيرات الدّنيا تفوزون.
عن الصادق عليهالسلام : « أنّ الله تبارك وتعالى فرض الإيمان على جوارح ابن آدم ، وقسّمه عليها ، وفرّقه فيها ... وفرض على الوجه السّجود له باللّيل والنّهار في مواقيت الصّلاة فقال : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾ هذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرّجلين » (١) .
وعنه عليهالسلام : « جعل الخير كلّه في بيت ، وجعل مفتاحه الزّهد في الدّنيا » (٢) .
﴿وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ
حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ
الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا
الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)﴾
ثمّ أمر الله تعالى بأعظم أنواع الخيرات بقوله : ﴿وَجاهِدُوا فِي﴾ ذات ﴿اللهِ﴾ أو قاتلوا الكفّار والمشركين في سبيله ، ومن أجله ، وطلبا لرضاه ﴿حَقَّ جِهادِهِ﴾ واستفرغوا الوسع وأخلصوا (٣) النيّة فيه.
وعن ابن عباس : هو أن لا تخافوا في الله لومة لائم (٤) .
وقيل : إنّ المراد إعملوا [ لله ] حقّ عمله (٥) .
وقيل : حقّ جهاده هو مجاهدة النّفس والهوى (٦) .
روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا رجع من غزوة تبوك قال : « رجعنا من الجهاد الأصغر ، فعليكم بالجهاد الأكبر » (٧) . قيل : يا رسول الله ، وما الجهاد الأكبر ؟ قال : « هو أن تجاهد نفسك التي بين جنبيك»(٨) .
ثمّ حثّ سبحانه الناس فيه بقوله : ﴿هُوَ﴾ تعالى اللّطيف الّذي ﴿اجْتَباكُمْ﴾ بلطفه واصطفاكم برحمته لدينه ، واختاركم لنصرة رسوله وترويج شريعته ، وخصّكم بالتّوفيق لخدمته والاشتغال بطاعته ، وهذا من أعظم التّشريفات ، وأفضل الكرامات.
عن الباقر عليهالسلام : « إيّانا عنى ، ونحن المجتبون » (٩) .
__________________
(١) الكافي ٢ : ٢٩ - ٣١ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٩١.
(٢) الكافي ٢ : ١٠٤ / ٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٩١.
(٣) في النسخة : وتخلصوا.
(٤-٦) تفسير الرازي ٢٣ : ٧٢.
(٧) تفسير الرازي ٢٣ : ٧٢ ، تفسير البيضاوي ٢ : ٩٧ ، تفسير أبي السعود ٦ : ١٢٢ ، تفسير روح البيان ٦ : ٦٤.
(٨) معاني الأخبار : ١٦٠ / ١ تفسير الصافي ٣ : ٣٩١.
(٩) الكافي ١ : ١٤٧ / ٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٨٩.