فيقول الناس : أما كان لهؤلاء سيئة واحدة ؟ وهو قول الله تعالى : ﴿يُبَدِّلُ اللهُ﴾ إلى أخره » (١) .
وعنه ، عن آبائه عليهمالسلام ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حبّنا أهل البيت يكفّر الذنوب ، ويضاعف الحسنات ، وإنّ الله تعالى ليتحمّل من (٢) محبّينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد إلّا ما كان منهم [ على ] إصرار وظلم للمؤمنين ، فيقول للسيئات : كوني حسنات » (٣) .
أقول : الظاهر منه تغيير مجسّمة الأعمال ، وقريب منه رواية اخرى عنه عليهالسلام (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام - في حديث ما معناه - : « أنّ الله سبحانه يأمر بأن تؤخذ حسنات أعدائنا فتردّ على شيعتنا ، وتؤخذ سيئات شيعتنا فتردّ على مبغضينا ، وهو قول الله تعالى : ﴿فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ﴾ إلى آخره ، يبدّل الله سيئات شيعتنا حسنات ، ويبدّل الله حسنات أعدائنا سيئات » (٥) .
وعن ابن عباس : أنّ التبديل إنّما يكون في الدنيا ، فيبدّل الله تعالى قبائح أعمالهم في الشرك بمحاسن الأعمال في الاسلام ، فيبدّلهم بالشّرك إيمانا ، وبقتل المؤمنين قتل المشركين ، وبالزنا عفّة [ وإحصانا ] ، فكأنّه تعالى يبشّرهم بأنه يوفّقهم لهذه الأعمال الصالحة ، فيستوجبوا بها الثواب (٦) .
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : « ما جلس قوم يذكرون الله إلّا نادى بهم مناد من السماء : قوموا فقد بدّل الله سيئاتكم حسنات » (٧) .
وقيل : إنّ المراد بالتبديل تبديل عقابهم بالثواب (٨) .
ثمّ بيّن سبحانه علّته بقوله : ﴿وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ فمقتضى الصفتين ؛ هذا التبديل وازدياد الثواب.
﴿وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً * وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ
وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً * وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها
صُمًّا وَعُمْياناً * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ
وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (٧١) و (٧٤)﴾
ثمّ إنه تعالى بعد البشارة بقبول توبة المشركين المرتكبين للكبيرتين ، بشّر عموم العصاة بقبول توبتهم بقوله : ﴿وَمَنْ تابَ﴾ ورجع عن أيّ معصية وندم عليها ﴿وَعَمِلَ صالِحاً﴾ يتدارك به ما فرّط ،
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١١٧ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٥.
(٢) في أمالي الطوسي : عن.
(٣) أمالي الطوسي ١٦٤ / ٢٧٤ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٥.
(٤) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٣٣ / ٥٧ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٥.
(٥) علل الشرائع : ٦٠٩ و٦١٠ / ٨١ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٥.
(٦) تفسير الرازي ٢٤ : ١١٢.
(٧) روضة الواعظين : ٣٩١ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٥.
(٨) تفسير الرازي ٢٤ : ١١٢.