الخفيّ منها.
وروى بعض العامة عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : « كيف يسمعون حسيسها والنّار تخمد لمطالعتهم وتتلاشى ؟ ! » (١) .
ثمّ أنّه تعالى بعد بشارتهم بخلاصهم من المهالك بشّرهم بالفوز بالحظوظ بقوله : ﴿وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ﴾ واشتاقت إليه ﴿أَنْفُسُهُمْ﴾ من النّعم الرّوحانيّة والجسمانيّة ﴿خالِدُونَ﴾ مقيمون لا يتصوّر زوالها وانقطاعها ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ قيل : هو ذبح الموت بصورة الكبش الأملح (٢) . وقيل : النفخة الثانية (٣) . وقيل : إطباق النّار على أهلها فيفزعون لذلك فزعة عظيمة (٤) . وقيل : هو الفزع عند مشاهدة النّار ، إذ لا فزع أعظم وأكبر منه ، فمن أمن من ذلك أمن ممّا دونه بالأولويّة (٥) .
﴿وَتَتَلَقَّاهُمُ﴾ وتستقبلهم ﴿الْمَلائِكَةُ﴾ الذين كانوا كتبة أعمالهم في الدنيا بالبشرى ويقولون لهم: ﴿هذا﴾ اليوم ﴿يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ﴾ في الدنيا ﴿تُوعَدُونَ﴾ وتبشّرون بما فيه من فنون الثواب على الإيمان والطاعات.
في ( المجالس ) عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال لعلي عليهالسلام : « يا علي ، أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم ، وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون من الفزع الأكبر في ظلّ العرش ، يفزع الناس ولا تفزعون ، ويحزن الناس ولا تحزنون ، وفيكم نزلت ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى﴾ الآية ، وفيكم نزلت ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾ الآية » (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام قال : « إنّ الله يبعث شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من الذّنوب أو غيره ، مبيضّة وجوههم ، مستورة عوارتهم ، آمنة [ روعتهم ] ، قد سهّلت لهم الموارد ، وذهبت عنهم الشّدائد ، يركبون نوقا من ياقوت ، فلا يزالون يدورون خلال الجنّة ، عليهم شرك من نور يتلألأ ، توضع لهم الموائد فلا يزالون يطعمون [ و] الناس في الحساب ، وهو قول الله : ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى﴾ الآية»(٧) .
﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا
إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ * وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ
الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ (١٠٤) و (١٠٦)﴾
__________________
(١) تفسير روح البيان ٥ : ٥٢٥.
(٢-٥) تفسير الرازي ٢٢ : ٢٢٧.
(٦) أمالي الصدوق : ٦٥٧ / ٨٩١ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٥٦.
(٧) المحاسن : ١٧٩ / ١٦٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٥٧.